الصلب والترائب في القرآن الكريم

الصلب والترائب في القرآن الكريم
معنى الصلب والترائب

يحتوي القرآن الكريم على العديد من الآيات والمعجزات التي تدعو الإنسان للتفكر في خلقه وأصله، حيث تتمتع هذه الآيات بأسلوبها البليغ التي تجمع بين الإعجاز البياني والعمق المعرفي. ومن بين هذه الآيات، تظهر آية في سورة الطارق تتحدث عن الصلب والترائب كمصدر لخروج “الماء الدافق” وهو الماء الذي خُلق منه الإنسان. وقد أثارت هذه الآية اهتمام العديد من المفسرين والباحثين قديمًا وحديثًا، لأنها تحمل العديد من الدلالات اللغوية والتشريحية. فما هو الصلب؟ وما المقصود بالترائب؟ وهل تحمل الآية إشارة علمية إلى مراحل خلق الإنسان أم لا؟

الصلب والترائب في القرآن الكريم

يقول الله تعالى في سورة الطارق:

﴿ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿5﴾ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ ﴿6﴾ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿7﴾
[سورة الطارق: 5–7]

  • الصُّلْب: هو عظام الظهر، ويُقصد به في العمود الفقري أو الفقرات القطنية (الموجودة أسفل الظهر)، ويرتبط بشكل مجازي بمركز القوة في الجسد.
  • التَّرَائِب: تعد موضع خلاف بين المفسرين حيث قال ابن عباس ومجموعة من السلف الصالحين بأنها عظام الصدر التي تقع بين الترقوتين (أعلى الصدر قرب الرقبة). وأشار  آخرون بأن الترايب تشمل مواضع الصدر من الأمام، أي العظام التي تحيط بالقلب والرئتين؛ وهنالك رأي ثالث يشير إلى أنها ترائب المرأة أيضًا، بمعنى أنها تشارك في أصل الخلق وتكوين الإنسان.

التفسير العلمي والحديث للآية

يرى بعض الباحثين في العلم الحديث في الإعجاز العلمي أن الآية تشير بشكل دقيق إلى منطقة إنتاج السائل المنوي، إذ إن:

  • الخصيتان تتكونان جنينيًا بالقرب من الكلية (أي بالقرب من الصلب)، ثم تنزل لاحقًا إلى كيس الصفن. والغدد المشاركة في إفراز السائل المنوي (كالحويصلات المنوية والبروستاتا) تقع في منطقة الحوض، أي بين الصلب والترايب، أي بين أسفل الظهر وأسفل الصدر.

وهذا يتوافق جزئيًا مع المعنى الظاهري للآية، دون أن يُجزم بأن المقصود بها توصيف تشريحي دقيق، بل إشارات ضمن سياق إعجازي.

مقاصد الآية

تركز الآيات في سورة الطارق على عدة مقاصد على الإنسان أن يدركها وهي:

  • تذكير الإنسان بأصله الضعيف فهو خلق من ماء دافق.
  • التنويه إلى قدرة الله على خلق الإنسان من شيء بسيط جدًا.

آية “يخرج من بين الصلب والترائب” تُعد نموذجًا من بين الكثير من النماذج المذكورة في القرآن الكريم والتي تجمع بين الإعجاز البياني والتأمل العلمي، وتفتح باباً هاماً للتدبر في خلق الإنسان ومدى عظمة الخالق. ومهما تعددت الآراء حول معناها وتفسيرها، فهي تظل جزءًا من الخطاب الإلهي البديع الذي يخاطب العقل البشري المفكر والروح معًا.