سر كسر القلم بعد حكم الإعدام.. ولماذا يُنفذ عند الفجر؟

الحكم بالإعدام لا يُعد إجراءً عادياً، بل هو القرار الأشد في المنظومة القضائية، ويصدر بعد مراحل دقيقة من التحقيق والمرافعات والتدقيق في الأدلة. لهذا السبب، تحيط به رمزية خاصة، تبدأ من نطق القاضي بالحكم، ولا تنتهي عند توقيت التنفيذ.
مشهد كسر القلم بعد إصدار الحكم ليس منصوصًا عليه قانونيًا، لكنه سلوك رمزي راكمته الأعراف القضائية، ويعبّر عن حجم المسؤولية المعنوية التي يتحمّلها القاضي في تلك اللحظة. القلم الذي خطّ به قرارًا بإنهاء حياة إنسان لا يُستخدم بعدها، في دلالة على أن هذا الحكم كان استثنائيًا، لا يُكرّر، ولا يُتخذ بخفة.
هي لحظة فاصلة بين القانون والمشاعر، بين العدالة المجردة والثقل الإنساني، لذلك يلجأ بعض القضاة لهذا الفعل ليتركوا خلفهم أثرًا نفسيًا يقول: “لقد نفّذت القانون، لكني لا أملك أن أُكمل بهذا القلم.”
أما توقيت تنفيذ الحكم فجرًا، فهو اختيار مدروس من النواحي الأمنية والتنظيمية والنفسية. تُنفذ أحكام الإعدام عادة في الساعات الأولى من الفجر، حين يسود الهدوء، ويكون السجن خاليًا من الحركة، ما يُسهل سير العملية دون إرباك أو توتر.
من جهة أخرى، يمنح هذا التوقيت للمحكوم عليه فرصة لقضاء لحظاته الأخيرة بهدوء، بعيدًا عن ضجيج النهار، ويهيئه نفسيًا للوداع الأخير. هو وقت تُراعى فيه كرامة الإنسان، حتى وهو في طريقه إلى تنفيذ حكم لا رجعة فيه.
وتبقى هذه التفاصيل الرمزية والعملية معًا، انعكاسًا لفلسفة العدالة الحديثة التي لا تكتفي بتطبيق العقوبة، بل تسعى أيضًا إلى حفظ صورة القضاء، وهيبة الدولة، وكرامة الإنسان حتى في لحظة القصاص.
كسر القلم بعد النطق بحكم الإعدام هو فعل رمزي يعكس ثقل القرار وخطورته، وإعلان أخلاقي من القاضي بأنه أنهى مهمته بأداته الوحيدة ولن يُعيدها. أما تنفيذ الإعدام فجرًا، فاختيار مقصود لضمان الهدوء الكامل، وتنفيذ الحكم بأقل قدر من التوتر، وبتوازن دقيق بين القانون والرحمة.
تعليقات