سبب نزول سورة الناس

سورة الناس، آخر سور القرآن الكريم ترتيبًا، تمثّل درعًا روحانيًا يلوذ به الإنسان من شرور خفية لا تُرى بالعين، لكنها تؤثر في النفس والعقل. وهي إحدى المعوذتين، وقد نزلت لتعالج حالة واقعية عاشها النبي محمد ﷺ، حين اشتد عليه أذى من نوع غير مألوف، لم يكن سلاحًا ظاهرًا، بل سحرًا خفيًا دبّ أثره في بدنه ونفسيته.
روى البخاري ومسلم أن النبي أصيب بسحر من قِبل رجل يُدعى “لبيد بن الأعصم” من بني زُريق، وكان هذا السحر قد أثر في النبي حتى ظنّ أحيانًا أنه فعل الشيء ولم يفعله. ولما اشتد الأمر، دعا ربه، فجاءه جبريل وميكائيل، وأخبراه أنه مسحور، وحدّدا له مكان السحر المدفون.
وهنا نزلت سورتي الفلق والناس، فأمره الله أن يقرأهما. فكان كلما قرأ آية، انحلّت عقدة من عُقد السحر، حتى بَرئ تمامًا. ومن هنا كان سبب نزول السورة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالحماية من الشر الخفي الذي لا يُواجه بالحواس، بل بالاستعاذة واللجوء إلى الله.
تبدأ السورة بالأمر بالاستعاذة: “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ”، ثم تُبيّن صفات هذا الرب: “مَلِكِ النَّاسِ، إِلَـٰهِ النَّاسِ”، لتغرس في قلب المؤمن أن مصدر الأمان هو الله وحده، لا بشر ولا مال ولا قوة.
وفي نهاية الصفحة الأولى، يبرز السؤال العميق: لماذا خُتم القرآن بسورة تتحدث عن الوسوسة؟ الإجابة تكشفها تفاصيل الصفحة التالية…
تعليقات