أسباب عدم استخدام الشطافات

حين نبحث في جذور العادات اليومية لدى الشعوب، نجد أن النظافة الشخصية من أكثر الجوانب التي تتأثر بالثقافة والتربية والنشأة، وهي ليست دائمًا نتيجة للمنطق أو التقدم العلمي. في أوروبا، فكرة استخدام الشطاف ليست مرفوضة فقط بل قد تكون غريبة أو غير مألوفة للكثيرين. فتجد الشخص الأوروبي يعتبر المناديل الورقية كافية تمامًا، بل وقد ينظر إلى من يستخدم الماء على أنه مبالغ في الحرص أو يتبع أساليب غريبة.
المشكلة الأساسية لا تكمن فقط في غياب الشطاف عن التصميمات، بل في غياب الفكرة ذاتها عن الثقافة العامة. فالأوروبي الذي نشأ منذ طفولته على استخدام المناديل سيعتبر أي وسيلة أخرى غير مألوفة بل وقد تزعجه. ومع غياب التثقيف الصحي حول فوائد استخدام الماء، يبقى الوضع كما هو عليه. هذه القناعة لا تأتي من جهل أو تقصير، بل هي ببساطة انعكاس لنمط حياة متوارث منذ عقود، وربما قرون.
يُضاف إلى ذلك أن أنظمة الصرف الصحي في العديد من المباني الأوروبية القديمة لم تكن مجهزة لاستخدام المياه بهذا الشكل، الأمر الذي جعل إدخال الشطاف لاحقًا أمرًا معقدًا من الناحية الإنشائية. فحتى من يرغب أحيانًا في استخدام الشطاف، قد يتراجع بسبب الحاجة إلى تعديلات مكلفة في السباكة أو التصميم الداخلي. وهذا السبب الفني تحول بمرور الزمن إلى عادة، ثم إلى قناعة، ثم إلى جزء من الهوية المجتمعية التي يصعب تعديلها.
الأوروبيون ليسوا ضد الشطاف من حيث المبدأ، بدليل أن بعضهم حين يسافر إلى بلدان أخرى ويجربه يشعر براحة ونظافة أكبر، بل وقد يفكر في إضافته إلى بيته. لكن هذا يظل سلوكًا فرديًا لا ينعكس بالضرورة على المجتمع بأكمله، خاصة في ظل غياب الحملات الإعلامية أو التوعوية التي قد تشجع على هذا التغيير. فالثقافة العامة لا تُبنى فقط على القناعة بل على الاستمرارية والتكرار والتأثير الجماعي.
السبب الرئيسي في عدم استخدام الأوروبيين للشطافات يعود إلى عوامل ثقافية وتاريخية وبُنية تحتية، حيث إن أنظمة الصرف الصحي القديمة لم تكن مهيأة لذلك، ومع الوقت ترسخت عادة استخدام المناديل الورقية باعتبارها الطريقة “الطبيعية” للتنظيف، فأصبحت جزءًا من النمط الأوروبي العام.
تعليقات