ما هو اللحم الذي لا يشترى ولا يباع ويأكله الناس بكثرة رغم أنه حرام

عندما يُذكر لفظ “اللحم” يتبادر إلى الذهن فورًا أنه أمر يؤكل بالفم ويُبتلع بالجوف، ولكن في الإسلام توجد معانٍ أعمق وأخطر من مجرد تناول الطعام، ومنها ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من تحذير شديد من التعدي على كرامة الناس والتعرض لسمعتهم بالباطل، لأن ذلك يُعد في حكم “أكل لحومهم” مجازًا، وهو من كبائر الذنوب التي توعد الله مرتكبيها بالعذاب الشديد.
هذا النوع من “اللحم” الذي لا يُباع في الأسواق هو الغِيبة، وهي ذكر الإنسان لأخيه بما يكره في غيابه، سواء أكان ذلك حقيقيًا أم غير حقيقي، وسواء أكان بقصد المزاح أو النقد أو الفضفضة، فكل ذلك يدخل تحت باب الغيبة المحرّمة، التي شبّهها الله تعالى بأكل لحم الميت، في تصوير بالغ القسوة لما يفعله الناس ببعضهم دون إدراك لحجم الذنب.
وقد قال الله تعالى في سورة الحجرات: “ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه”، وهذا التشبيه لم يأتِ عبثًا، بل ليُظهر بشاعة الفعل وخطورته في ميزان الأخلاق والدين. فالغيبة تهتك الستر، وتنشر العداوة، وتضعف الثقة بين الناس، وتكون سببًا في فساد المجتمعات وتنافر القلوب.
ولهذا كان من واجب كل إنسان أن يحاسب لسانه قبل أن يتكلم، ويتفكر في أثر كلماته، وأن لا يجعل من مجالس الناس منصات للحديث عن الآخرين بغير حق. فمهما بدا الأمر بسيطًا أو غير مؤذٍ، فإنه في الشرع من أعظم الآثام. وقد يكون سببًا في حرمان البركة، واستجلاب سخط الله، وانكشاف العيوب أمام الخلق جزاءً وفاقًا لما قيل في الخفاء.
اللحم الذي لا يُشترى ولا يُباع ويأكله الناس بكثرة رغم أنه حرام هو لحم الإنسان الذي يُؤكل مجازًا عن طريق الغيبة، كما ورد في قوله تعالى: “أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه”.
تعليقات