لماذا زوجات الرسول لم تتزوج بعده أبدًا

القرآن الكريم لم يترك هذا الأمر دون توضيح، بل جاء نص قطعي يمنع زواج زوجات النبي بعد وفاته، وذلك في قوله تعالى: “وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إن ذلكم كان عند الله عظيمًا” [الأحزاب: 53]. هذا النص يبيّن أن زواجهن بعده ليس فقط غير جائز، بل هو أذى للنبي ومخالفة لحرمة بيته، وقد جعله الله أمرًا عظيمًا، مما يدل على خصوصية هذه العلاقة وعلى أنها ليست قابلة للتكرار بعد موته.
هذا التحريم كان تشريعًا إلهيًا خاصًا لا يتعلق بسن أو ظرف اجتماعي، بل بمقام النبوة ذاته. فكما أن النبي لا يورّث، وزوجاته لسن كغيرهن من النساء، فكذلك لا يجوز أن يُنكحن بعده. وهذا التحريم لم يكن نقصًا في حقهن، بل تكريمًا لهن ورفعًا لمكانتهن، وبيانًا أن علاقة النبي بأزواجه لها طابع أبدي في خصوصيتها.
وقد قبلت أمهات المؤمنين هذا الحكم برضا وتسليم، ولم يُنقل عن واحدة منهن أنها اعترضت أو أبدت رغبة في غيره، بل كنّ في غاية الطاعة والاستسلام لما شرعه الله، مستشعرات شرف هذا الابتلاء الذي جعلهن في مقام لا يشبهه مقام. وكنّ بذلك مثالًا حيًا للمرأة المؤمنة التي تقدم رضا الله على متاع الدنيا ومغرياتها، لا سيما أن بعضهن كنّ صغيرات السن ويملكن حق اختيار الحياة الزوجية مجددًا.
ولم يكن هذا الموقف مجرد امتثال لأمر ديني، بل تجسيد عملي لفهمهن لطبيعة العلاقة مع النبي، ولمعنى “أمهات المؤمنين” التي أصبحت صفة دائمة لهن. فمن تزوّج النبي أصبحت كأم لجميع المسلمين، وهذه الأمومة لا يمكن الجمع بينها وبين زواج رجل آخر، لأن ذلك يهز مكانة النبوة ويقلل من رمزية القدوة في بيت النبي. لذلك بقيت زوجاته في حجورهن الطاهرة يروين السنة ويعلّمن الدين إلى أن لقين ربهن على الطهارة الكاملة التي ارتضاها لهن الله.
زوجات النبي محمد ﷺ لم يتزوجن بعده لأن الله تعالى حرّم ذلك في القرآن الكريم تكريمًا لهن ولرسوله، بقوله: “ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا”، فهن أمهات المؤمنين ومقامهن خاص لا يُعادله مقام أي امرأة أخرى.
تعليقات