قصة كريمة ياقوت الطفلة

قصة كريمة ياقوت الطفلة

مرت سنة كاملة على الحادثة، وكريمة أصبحت أكثر هدوءًا، لكنها لم تنس ما حدث. كان والدها يقول دائمًا: “الله نجاها لسبب، وستكون يومًا ما منارة لغيرها”. وفعلاً، بدأت قصتها تُروى في المدارس والمراكز المجتمعية كرسالة وعي وتحذير. لم تعد مجرد ضحية، بل أصبحت مصدر إلهام، وصوتًا يحذّر الأطفال من الغرباء، ويحث العائلات على الانتباه لأدق التفاصيل.

وفي أحد البرامج التلفزيونية، استُضيف والد كريمة بعد أن كتب مقالًا مؤثرًا بعنوان “يوم غابت كريمة”. تحدث عن قوة ابنته، عن الألم والصمت، عن القوة التي يمنحها الإيمان، عن الأبوّة التي تُكسر وتُرمم بالدعاء. كان حديثه بسيطًا، لكنه وصل لقلوب الناس، وطلب في نهايته شيئًا واحدًا: أن لا يمر ما حدث مر الكرام، وأن نعلّم أبناءنا ألا يفتحوا الباب لأي شخص، مهما بدا مألوفًا.

أما كريمة، فقد بدأت تحفظ من جديد، وعادت تكتب وتلوّن وتضحك، ولكن بملامح نضج مبكر لا يُشبه عمرها. كانت قد خاضت معركة لا يخوضها الكبار، وخرجت منها بنعمة الحياة. وبينما لا تزال التحقيقات مفتوحة، اختارت الأسرة أن تتجاوز ما لا يمكن تفسيره، وتترك أمره لله.

انتهت القصة، لكن جرحها لا يزول. كريمة الآن أكبر بسنة، وأثقل بذكرى لا تنسى. لكنها تمشي كل يوم إلى المدرسة، تحمل مصحفها في حقيبتها الصغيرة، وتهمس لنفسها بآية “فإن مع العسر يسرا”. لقد انتصرت، لا لأنها عادت سالمة فقط، بل لأنها لم تفقد روحها، ولم تتوقف عن الإيمان.