منذ القدم عرف الإنسان أن هناك أطعمة تحل له وأخرى تحرم عليه، لكن لحم الخنزير كان من أبرز ما ورد في الشرائع السماوية على أنه محرم، خصوصًا في الإسلام، حيث جاء النص صريحًا في القرآن الكريم بتحريمه. ومع ذلك لا يزال بعض الناس يتساءلون عن السبب، فيبحثون عن تفسير علمي أو صحي أو أخلاقي لهذا التحريم الذي ورد بتشديد في أكثر من موضع. وقد أصبح هذا التساؤل يتكرر أكثر مع تزايد الانفتاح العالمي وتداول الثقافات بين الشعوب.
عند النظر إلى نمط حياة الخنزير، يتبين أنه من أكثر الحيوانات التي تتغذى على القاذورات، بل وقد تأكل فضلاتها أو جثث حيوانات نافقة، ما يجعل من بيئتها الداخلية خصبة للأمراض والطفيليات. جسم الخنزير لا يمتلك قدرة عالية على التخلص من السموم الموجودة في الطعام، مما يؤدي إلى تراكمها داخل أنسجته ولحمه، وهذا ما يزيد من خطورة تناوله حتى لو تم طهوه جيدًا، إذ أن بعض هذه السموم لا تزول بالحرارة.
علميًا، يحتوي لحم الخنزير على نسب عالية من الدهون الثلاثية والدهون المشبعة، وهي مركبات ترتبط مباشرة بمشاكل القلب وارتفاع ضغط الدم، إلى جانب اضطرابات الكبد والسكري والسمنة المفرطة. كما أنه من اللحوم التي ثبت أنها ناقلة لعدد من الطفيليات مثل “التريكينيلا” و”التينيا سوليم”، والتي قد تسبب أمراضًا قاتلة للإنسان إذا لم يتم اكتشافها مبكرًا، خاصة في حال كان اللحم غير مطهو بشكل جيد.
ليس الجانب الصحي وحده ما يدعو للتأمل، بل هناك أيضًا بُعد أخلاقي وسلوكي، حيث أن الخنزير من الحيوانات التي تفتقد للغيرة أو الدفاع عن أنثاها، وقد وصفه العلماء بأنه رمز للبلادة وضعف الفطرة السليمة. وهذا الوصف ليس ازدراءً، بل ملاحظة سلوكية أثارت انتباه المفسرين والعلماء على مر العصور، حين فسروا لماذا كان لحم هذا الحيوان بالذات دون غيره من المحرمات في الدين.
تابع في الصفحة الثانية لتتعرف على أعمق الأسباب الدينية والروحية التي تجعل من لحم الخنزير أمرًا محرمًا في الإسلام وجذور هذا التحريم في الكتب السماوية….
تعليقات