سبب اختلاف عدة المطلقة عن الأرملة

المرأة التي تُطلق، قد تطلق وهي شابة أو كبيرة، وقد تكون مطلقة من زواج دام أيامًا أو سنوات، لكن في أغلب الأحوال، تكون مطلقة من رجل لا يزال حيًا، ما يعني أن احتمالية الرجوع قائمة، خاصة في الطلقة الأولى أو الثانية. لذلك شُرعت لها العدة بثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر، حتى تُتاح فرصة مراجعة النفس، ويُتحقق من براءة الرحم، مع بقاء باب الرجعة مفتوحًا في بعض الحالات، مما يجعل العدّة قصيرة نسبيًا لتخدم هذا الغرض.
أما المرأة التي تُصبح أرملة، فهي تمر بمرحلة فَقْد لا عودة فيه، ويُفترض أن تكون المشاعر أكثر ألمًا، والظروف أكثر حساسية، ما يستدعي فترة أطول لتجاوز الصدمة النفسية. الشريعة لم تُحدد هذه المدة عبثًا، بل لتُعطيها حقها في الحزن المشروع، وفرصة للهدوء النفسي قبل الانتقال لمرحلة جديدة في حياتها. كذلك فإن بعض النساء قد يكنّ حوامل لحظة وفاة الزوج، ولذلك كانت مدة العدة أطول لتتأكد من الحمل أو عدمه بشكل قاطع.
ومن رحمة الإسلام أن عدة الحامل من الطلاق أو الوفاة تنتهي بوضع الحمل، مراعاة لوضعها الجسدي والنفسي. أما غير الحامل، فقد فُرضت لها هذه المدة لتحقيق عدة مقاصد: منها تكريم العلاقة الزوجية بعد الوفاة، وحماية حقوق المرأة، ومنع التعجل في الزواج الجديد، واحترامًا لذكرى الزوج الراحل. وهذا التشريع ليس تشديدًا، بل تأمين لحماية المرأة نفسيًا واجتماعيًا ودينيًا.
ويُلاحظ أن كثيرًا من الأحكام في الإسلام تعتمد على التفاصيل الدقيقة التي تراعي الواقع، وتمد يد العدل والتوازن بين الحقوق والواجبات. فليس المقصود بالعدة مجرد انتظار، بل هي فترة انتقالية تحفظ كرامة المرأة وتحقق الاستقرار الأسري وتمنع التسرع في القرارات. وهي في النهاية، تشريع رباني من خالق البشر، يعلم ما في قلوبهم وما يصلح أحوالهم.
تختلف عدة المطلقة عن الأرملة لأن المطلقة تُمهّل للتحقق من براءة الرحم وإمكانية الرجعة، أما الأرملة فعدتها أطول لتشمل التحقق من الحمل ومرحلة الحزن والحداد، وهو من تمام عدل ورحمة الشريعة الإسلامية.
تعليقات