من هو غريغوري راسبوتين

من هو غريغوري راسبوتين

بين أروقة القصور الروسية في مطلع القرن العشرين، سطع اسم غريغوري راسبوتين كظاهرة مثيرة للدهشة والقلق معًا، لا بسبب مكانته الدينية أو دوره السياسي فقط، بل بسبب الكاريزما الغامضة التي أحاطت به، خاصة لدى النساء. وُصف بأنه قروي بسيط جاء من أعماق سيبيريا، لكنه نجح في الدخول إلى البلاط الإمبراطوري الروسي، وفرض وجوده على أكثر البيئات نخبوية في الدولة، وصار مقربًا من العائلة الحاكمة، رغم شكله الذي لا يشبه صورة النبلاء أو رجال الدين الذين اعتادت عليهم الإمبراطورية.

ما يثير الدهشة هو أن كثيرًا من نساء الطبقة الأرستقراطية كنّ ينجذبن إليه، رغم مظهره الغريب، ولحيته الطويلة، وعينيه الحادتين اللتين وصفهما بعض المؤرخين بأن فيهما نظرة تُربك من يحدق فيهما. هذا الانجذاب لم يكن مجرد انبهار أو إعجاب عابر، بل تحول لدى البعض إلى تعلق حقيقي، جعله محط أنظار وأحاديث الدوائر النسائية في البلاط، وحتى خارج حدود القصر. فلم يكن يملك وسامة مألوفة، ولا صوتًا رخيمًا، بل طاقة داخلية جعلت حضوره استثنائيًا.

راسبوتين لم يأتِ فقط بالأدعية، بل كان يتقن فن التأثير النفسي، ويستغل قدرته على قراءة الناس ليتسلل إلى دواخلهم دون أن يشعروا. كثير من السيدات كنّ يقصدنه في السرّ طالبات النصيحة أو الشفاء أو الدعم الروحي، لكنه في المقابل كان يدير كل هذه العلاقات بنظرة يعرف متى يوجهها، وصمت يعرف متى يكسره، وكلمة يقولها في التوقيت الذي يُربك الطرف الآخر. ومهما اختلفت الروايات حوله، فإن قاسمها المشترك هو أنه كان يثير في الآخرين شعورًا بعدم الفهم، وكأن وراء شخصيته أسرارًا لا تنكشف بسهولة.

عدد من المؤرخين والكتّاب تناولوا سيرته بالتحليل، وحاولوا فهم سبب هذا الانجذاب غير المفسّر إليه، خاصة من النساء اللواتي كان من المفترض أن يتعاملن مع شخص بمكانته الريفية بشيء من التحفظ أو التعالي، لكن الواقع أظهر عكس ذلك تمامًا، بل تحول هذا القروي القادم من قرية نائية إلى أكثر شخص له تأثير في حاشية الإمبراطورة، مما أثار حسد كثيرين وغضب خصومه.

تابع في الصفحة الثانية لتعرف السر الحقيقي وراء هذه الكاريزما الساحقة، ولماذا كان راسبوتين محورًا للفتنة والغموض داخل القصر… 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *