قصة قبضنا على شاب ومعه فتاة في وضع مريب

بعد تلك الجملة، حاولت أن أهدئ من روعها، وأعدتها إلى الجلوس بلطف وطلبت من الزملاء أن يمنحونا بعض الخصوصية. سألتها مجددًا: “ليش ما تبين ترجعين؟ وش اللي صار؟” سكتت لحظة، ثم رفعت النقاب قليلًا عن فمها فقط، وهمست: “أنا هاربة… مو من بيت عادي، من مكان كانوا يعاملوني فيه كأنّي شي مو بني آدم”.
بدأت تحكي بصوت باكٍ، ويدها ترتجف. قالت إنها يتيمة الأب، وأن قريبًا من الدرجة الأولى كان قد كفَلها منذ كانت صغيرة، لكنها لم تكن تعرف أن كفالته كانت غطاءً لسلسلة من التجاوزات والقيود. حبسها عن التعليم، ومنعها من الخروج، وكان يُعاملها بقسوة شديدة. وحين كبُرت، بدأ يتدخل في كل تفاصيلها، وأصر على تزويجها من رجل يكبرها بثلاثين عامًا دون رغبتها.
حين رفضت، حبسها في غرفة بلا نوافذ، ومنع عنها الهاتف والناس، وكانت الفتاة تهرب لأول مرة في حياتها عندما أُلقي القبض عليها مع الشاب، الذي لم يكن سوى ابن جيرانها، ساعدها في الهروب من ذلك الجحيم. لم تكن هناك علاقة خاطئة بينهما كما ظن الجميع، بل كانت تبحث عن نجدة لم تجدها في أقرب الناس إليها.
بكيت في داخلي، ولم أجد في نفسي قدرة على لومها، بل شعرت أن كل هذا الصمت كان يحمل ما لا طاقة لها على شرحه. طلبنا تحويلها إلى الجهة المختصة بالحماية الاجتماعية، وفتحنا ملفًا خاصًا بالقضية، لأن ما جرى معها لم يكن خطأ فتاة، بل جريمة مكتومة سنوات طويلة.
الفتاة لم تكن مذنبة، بل كانت تهرب من بيت ظلم وسوء معاملة، ولم يكن الشاب سوى من ساعدها على النجاة، وكل صمتها كان صرخة خائفة لم يفهمها أحد في البداية
تعليقات