تفسير سورة قريش

تفسير سورة قريش

جمهور المفسرين أجمع أن كلمة “إيلاف” في قوله تعالى “لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ” معناها: اعتيادهم وتألفهم لرحلتي الشتاء والصيف، أي أن قريش كانت تقوم برحلتين تجاريتين ثابتتين كل سنة، واحدة في الشتاء إلى اليمن، والأخرى في الصيف إلى الشام، وكان لهاتين الرحلتين دور محوري في رخاء مكة وقوة قريش الاقتصادية.

وقد هيّأ الله لهم الأمن في طريقهم، فلم تكن تُعتدى قوافلهم، رغم أن جزيرة العرب في ذلك الوقت كانت مليئة بالنزاعات، والقبائل المتقاتلة. والسبب في هذا الأمن يعود لمكانة قريش الدينية، كونهم أهل الحرم، وسَدنة الكعبة، مما جعلهم آمنين في أسفارهم.

فجاءت الآية “لإيلاف قريش” تذكيرًا لهم بأن هذا الرخاء وهذا الاعتياد لم يكن بفضلهم، وإنما بتقدير الله، وأن عليهم شكر هذه النعمة، كما قال في الآية الأخيرة: “فليعبدوا رب هذا البيت”. أي أن النتيجة المنطقية لهذا الأمن والرزق أن يُقبلوا على عبادة الله وحده.

وقد فسّر بعض العلماء أن هذه الآية متعلقة معنويًا بالسورة السابقة وهي “الفيل”، فيكون المعنى كاملاً: “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل… لإيلاف قريش”، أي أن الله حمى الكعبة من أبرهة لأجل قريش، ولأجل أن تستمر مكانتهم، فيا قريش، اعبدوا من وهبكم كل هذا.

“لإيلاف قريش” تعني اعتيادهم على رحلتي الشتاء والصيف بأمن ورزق، وهي تذكير من الله بنعمته عليهم، ودعوة لهم لعبادته وشكره وحده لا شريك له.