يحكي مغسل الأموات أنه اعتاد على حضور الجنائز، ولم يعد الموت يرعبه كما كان من قبل، لكنه ما يزال يشعر برهبة غريبة كلما حضر جنازة شاب صغير في السن. يقول: كُنت يومها في مغسلة الموتى أستعد لتجهيز شاب توفي فجأة في حادث سير، والعائلة كلها في حالة انهيار، لكن شيئًا غريبًا لفت انتباهي بين الجموع.
كان هناك شاب يجلس في الزاوية، لا يُكلّم أحدًا، وجهه شاحب ودموعه لا تتوقف، وكان ينظر إلى المغسلة وكأن قلبه يتمزق. اقترب مني بهدوء وسألني بصوت مخنوق: “لو سمحت، ممكن أشارك في الغسل؟”. سألته إن كان من أقارب المتوفى، فقال: “كنا أكتر من إخوة، كنا سوا في كل لحظة”.
سمحت له بالدخول، وكان طوال الوقت يبكي وهو يردد: “ليه يا صاحبي؟ وعدتني ما تسبقني”. بدأت أغسل الجثمان كعادتي، وهو يساعدني بخفة يد وحرص، كأنه مغسل محترف، رغم أني متأكد أنها المرة الأولى له. كل ما في وجهه كان يدل على حب حقيقي لهذا الشاب الراحل.
خلال الغُسل لاحظت أن جسد المتوفى سليم، بلا جروح ولا تشوهات، ووجهه فيه طمأنينة عجيبة، رغم أن سبب الوفاة كان حادث. وعندما بدأت أكفنه، رأيت صديقه يمد يده ويلف الكفن بيده وكأنه يودعه بطريقته الخاصة، وكنت أشعر أن هناك سرًا خلف هذا الحزن كله، لكني لم أسأل احترامًا للموقف.
تابع الصفحة الثانية لتعرف الصدمة التي اكتشفها المغسل بعد انتهاء الغسل…
تعليقات