كان الصوت باهتًا، متقطعًا، أقرب لرجفة في الروح منه لمكالمة هاتفية عادية. قلت: نعم؟ ردّ الصوت: أنا آسف… ثم صمت. بقيت أردد: من؟ من يتحدث؟ لكنه لم يُجب بسرعة. بعد لحظة تنهد وقال بصوت خافت يشبه بكاء طفل خائف: أنا ناصر. سقط الهاتف من يدي، شعرت أنني فقدت القدرة على الوقوف، ومنذ متى تتكرم بالاتصال؟! هل تذكرت أن لك زوجةً في هذا العالم؟! التقطت الهاتف مرة أخرى بصوت مضطرب: ماذا تريد؟ قال لي: أنا… أنا رجعت، وصلت للمعبر، ويمكن أوصل الليلة. لم أستطع الرد، بين غضبي وشوقي ودهشتي كان داخلي يشتعل، لكنني فقط قلت: رجعت فجأة؟ الآن تذكرت؟ بعد كل هذه الأشهر؟
قال لي بنبرة لم أعتدها: أرجوك… اسمعيني بس، أنا مو نفس ناصر اللي سافَر، في أشياء كثيرة تغيرت. لم أردّ، فقط أغلق الهاتف بعد أن أنهى كلامه، وتركني أغرق في صمت يشبه غصة لا تنتهي. جلست في الزاوية أنظر إلى جدران بيتي التي شَهِدت وحدتي، وأفكر، هل أستقبله؟ هل أفتح له الباب بعدما كسرني؟ لا جواب. كانت أمي تنظر لي من بعيد بقلق، لكنها لم تتكلم، تعرف أنني وحدي من يجب أن يقرر.
تابع الصفحة الثانية… فالأحداث ستتغير بالكامل ابتداءً من الزيارة التي لم يتوقعها أحد………
تعليقات