قصة النافذة الموجودة في المسجد النبوي

قد يظن البعض أن بقاء نافذة مفتوحة لأربعة عشر قرنًا مجرد مصادفة عمرانية، أو إهمالًا في التجديد، لكن الحقيقة أعمق وأكبر من ذلك بكثير. عندما نبحث في كتب السيرة والمراجع القديمة، نجد إشارات متكررة إلى نافذة سمتها العامة “الشباك الذي لا يُغلق”، لكن اسم الصحابي ليس ثابتًا في جميع الروايات، لأن هذا الوفاء لم يكن محل دعاية أو تفاخر، بل كان نية صادقة بين أب وابنته تحت سقف مسجد أسسه خير الخلق. بعض العلماء يشيرون إلى أن هذا الصحابي قد يكون من بني عدي، والبعض الآخر يذكر أنه من الأنصار، لكن الرواية الأصدق ليست في اسمه، بل في رسالته.
فالمعنى الجوهري الذي تحمله هذه النافذة هو أن وعود العظماء لا تحتاج شهودًا ولا عقودًا، يكفي أن تُقال بنية صافية أمام الله، ليحفظها الله. وأن الأب الذي يصدق في وعده لابنته، يخلّد ذكراه دون الحاجة لضجيج، فتظل نافذته مفتوحة رغم تقلب الأحوال. إن هذا الوعد المتواضع أبقى أثره أكثر من آلاف المنشآت والقصور، لأنه وعد نابع من محبة، ومبني على بر، ومحفوف بنور النبوة.
واليوم، وأنت تقف هناك، وتشاهد تلك النافذة الخالدة، تذكر أن خلفها حكاية حب صادق، وعهد أبوي لا يُنكَر، ودرسٌ عظيم في الوفاء والصدق لا يعلّمه إلا أصحاب القلوب الكبيرة. إنها ليست مجرد نافذة، بل مرآة لعهد لا ينكسر، وسجلّ مفتوح يشهد أن الوفاء لا يُقاس بالمدة، بل بالنية. وهذا الشباك الذي لا يُغلق، سيبقى شاهدًا إلى يوم الدين على أن الكلمة إذا خرجت من قلب صادق، حفظها الله كما حفظ ذكر نبيه في هذا المسجد المبارك.
أن هذه النافذة ظلت مفتوحة طيلة ١٤٠٠ سنة وفاءً بوعد من أحد الصحابة لابنته الصغيرة، وقد تناقل الناس قصتها جيلًا بعد جيل كرمز للوفاء، رغم اختلاف الروايات في اسم الصحابي، إلا أن الوعد بقي شاهدًا على صدق النية وعظمة الوفاء.
تعليقات