الجسم البشري لا يصرخ دون سبب، بل يُرسل إشارات خفية تنبّهنا إلى أن شيئًا ما في الداخل لا يعمل كما ينبغي. كثير منّا يتجاهل هذه الإشارات ظنًا أنها مجرد أعراض بسيطة، في حين أنها قد تكون رسائل استغاثة من أعضاء تعاني بصمت. من هذه العلامات التي يستهين بها الناس، نجد تشقق الأصابع وجفافها أو تغير لون اللسان وتشكل تشققات فيه، وهي أعراض تبدو على السطح تافهة، لكنها قد تخفي خلفها مشاكل صحية خطيرة إن لم ننتبه لها في الوقت المناسب.
عندما تبدأ الأصابع بالتشقق بشكل متكرر، خاصة في غير مواسم البرد، فإن الجسم قد يكون في حالة نقص حاد في الفيتامينات، وتحديدًا فيتامين B7 وB3، وهما المسؤولان عن صحة الجلد وتجديد الخلايا. كما أن التشققات قد تكون مؤشرًا على وجود خلل في عمل الغدة الدرقية، لأن قصور الغدة يؤدي إلى جفاف الجلد وضعف الدورة الدموية، ما يجعل أطراف الأصابع أول من يعاني. والأسوأ من ذلك أن هذه التشققات، إن لم تُعالج، قد تتحول إلى بؤر التهابية مزمنة تمكّن البكتيريا من اختراق الجسم وإحداث عدوى عميقة.
أما اللسان، فهو مرآة داخلية لحالة الجسم الصحية، وأي تغير في لونه أو شكله لا يجب تجاهله أبدًا. اللسان المتشقق أو الذي يحتوي على خطوط بارزة قد يكون دلالة على التهابات فطرية مزمنة، أو نقص في الحديد وفيتامين B12، وهو ما يؤدي لاحقًا إلى ضعف عام في الجهاز العصبي. وقد تشير هذه التشققات أحيانًا إلى أمراض مناعية مزمنة مثل الذئبة الحمراء أو الصدفية الفموية، خصوصًا إذا ترافقت مع آلام أو تقرحات. وهناك حالات موثقة طبية لمرضى تم تشخيصهم بأمراض في الكبد أو الكلى، وكانت العلامة الأولى الظاهرة لهم هي تغير مفاجئ في شكل اللسان وتكوّن تشققات على سطحه.
لا يجب أن ننسى أيضًا أن بعض التشققات الجلدية أو الفموية قد تكون إنذارًا مبكرًا لحالات جفاف داخلي حاد، نتيجة فقدان الجسم لكميات كبيرة من السوائل دون تعويض كافٍ، سواء بسبب السكري أو مشاكل في امتصاص الأملاح والماء. وفي بعض الحالات تكون هذه العلامات بداية لتدهور في وظيفة الجهاز المناعي، فيظهر الجلد واللسان وكأنهما ساحة أولى للهجوم، بينما المعركة الحقيقية تجري في الأعضاء الداخلية.
في الصفحة الثانية ستكتشف ما إذا كانت هذه العلامات قد ترتبط بأمراض خطيرة مثل السرطان أو المناعة الذاتية، ومتى يجب التوجه للطبيب فورًا…
تعليقات