المدة الشرعية لغياب الزوج عن زوجته في الدين الإسلامي

المدة الشرعية لغياب الزوج عن زوجته في الدين الإسلامي

الزواج في الإسلام ليس فقط عقدًا يربط بين رجل وامرأة، بل هو ميثاق غليظ يفرض على كل طرف مسؤوليات واضحة تجاه الآخر، روحًا وجسدًا ومعنى. ومن أهم هذه الحقوق التي شُدد عليها الإسلام هو حق الزوجة في العِشرة، فلا يجوز للزوج أن يغيب عنها فترة طويلة دون مبرر شرعي أو عذر قاهر. فالله خلق المرأة بقلب وروح وجسد، ولها حاجات لا يحق لأحد أن يُهملها أو يؤجلها. وهنا يأتي السؤال الذي حيّر كثيرًا من الناس: كم هي المدة الشرعية التي يجوز للزوج أن يغيب فيها عن زوجته؟ وهل يختلف الحكم إذا كانت الغيبة للعمل أو السفر أو حتى بسبب مشاكل بينهما؟

عند الرجوع إلى أقوال الفقهاء وعلماء الشريعة نجد أن الإسلام لم يترك هذه المسألة بلا توضيح، بل أشار إليها بدقة من خلال المواقف الفقهية والاجتهادات التي بُنيت على مبادئ العدل والرحمة. فأصل الزواج قائم على المودة والسكينة، ومن الظلم أن تُترك المرأة معلقة بلا زوج ولا عِشرة لفترات طويلة باسم العمل أو الغربة. وقد وُجد أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما سأل ابنته حفصة عن المدة التي تَصبر فيها المرأة عن زوجها، قالت: “أربعة أشهر”، فقرر أن لا يُمكَّن الجندي المسلم من الغياب أكثر من هذه المدة. وهذا الاجتهاد من عمر رضي الله عنه صار مرجعًا مهمًا في الفقه الإسلامي.

لكن هل هذه المدة ثابتة في كل الأحوال؟ وهل يمكن للزوجة أن تطلب الطلاق إذا طالت الغيبة؟ أسئلة كثيرة تدور حول هذا الحد، وسنُكمل شرحها في الصفحة التالية مع توضيح الحالات الخاصة التي أجاز فيها الفقهاء تجاوز هذه المدة لأسباب محددة…

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *