تُعد العدة في الإسلام نظامًا دقيقًا شرعه الله لحكم عظيمة، منها حفظ الأنساب، وتمكين المشاعر من التهدئة بعد صدمة الفقد أو الانفصال، ومن أهم ما يلفت النظر هو اختلاف مدة العدة بين الأرملة والمطلقة، فقد جعل الله عز وجل عدة المطلقة غير الحامل ثلاث حيضات، أو ثلاثة أشهر لغير ذات الحيض، بينما جعل عدة الأرملة أربعة أشهر وعشرة أيام، وهو ما يطرح تساؤلًا منطقيًا لدى البعض: لماذا كانت عدة الأرملة أطول من عدة المطلقة، رغم أن كلا الحالتين تنتهي فيهما الرابطة الزوجية؟
الفرق الجوهري بين الحالتين يكمن في طبيعة الانفصال وظروفه، فالمطلقة افترقت عن زوجها بإرادة أحد الطرفين، وغالبًا ما يكون الانفصال بعد خلافات أو نفور، بينما الأرملة فقدت زوجها بالموت، أي أن العلاقة انتهت على غير إرادة منها، وغالبًا ما تكون ما تزال في حالة تعلق عاطفي وصدمة نفسية، وهذا ما يجعل العدة هنا ليست فقط فترة انتظار بل أيضًا فترة حداد وتهيئة نفسية.
عدة الأرملة تُمثل نوعًا من الوفاء والاحترام للزوج المتوفى، وتعطي للمرأة المساحة الزمنية الكافية لكي تستوعب الفقد وتراجع مشاعرها، وتتهيأ لحياة جديدة بعد انتهاء العلاقة. وقد يكون بينهما أولاد صغار بحاجة للرعاية، فتكون العدة مرحلة انتقالية تعيد التوازن إلى الأسرة بعد وفاة أحد أعمدتها.
كما أن تحديد العدة بهذا التوقيت فيه دقة عظيمة، فالجنين لا يُمكن أن يظهر وجوده بوضوح إلا بعد مرور هذا الوقت، ولذلك كان من مقاصد العدة التأكد من براءة الرحم، حفظًا للأنساب، ودرءًا لأي اختلاط قد يحدث لو تزوجت المرأة مباشرة بعد وفاة الزوج دون انتظار.
فهل للناحية النفسية والعاطفية دور آخر في إطالة مدة عدة الأرملة؟ وهل المسألة محصورة في الجانب الطبي فقط؟ تجد الإجابة المفصلة في الصفحة الثانية👇👇
تعليقات