سبب زيادة عدة الأرملة عن عدة المطلقة

في الحقيقة، فإن الإسلام راعى الجوانب النفسية والعاطفية بدقة بالغة عند فرض عدة الأرملة، فالمرأة التي تفقد زوجها لا تكون فقط قد خسرت شريك الحياة، بل غالبًا ما تفقد الاستقرار، وتواجه ضغوطًا اجتماعية واقتصادية، وتحتاج إلى وقت كافٍ لترتيب حياتها من جديد. ومن الظلم أن تُلزم هذه المرأة بالتفكير في الزواج أو الانتقال إلى مرحلة جديدة مباشرة بعد الوفاة.
مدة الأربعة أشهر وعشرة أيام جاءت لتشكل مساحة “هدوء شرعي”، تحترم فيها أحزان المرأة، ويُمنع فيها الخُطّاب من التقدم إليها، حتى تنتهي عدتها ويُسمح لها بعد ذلك باختيار ما تشاء. أما المطلقة فالوضع مختلف، لأنها غالبًا ما تكون قد تجاوزت عاطفيًا المرحلة، وربما تكون قد رغبت هي بالطلاق، وبالتالي لا حاجة لفترة طويلة من الانتظار.
الإسلام هنا لا يفرق بينهما تمييزًا، بل يراعي الحالة النفسية والمعنوية والاجتماعية، ويقدّر الظروف التي أحاطت بكل حالة. فالأرملة لا تتعامل مع نهاية علاقة، بل مع فقدان حياة، والمجتمع مطالب بمنحها الوقت والاحترام الكافي لهذا المصاب.
وحتى في الجانب القانوني والمواريث، فعدة الأرملة تتوافق مع استحقاقها في الإرث، فلا يجوز تقسيم التركة غالبًا إلا بعد مضي فترة تُراعى فيها حقوقها، ويُنتظر فيها ما قد يظهر من حمل أو غيره. وهنا يظهر التكامل في الأحكام، بحيث لا يُترك شيء للمصادفة.
فُرضت عدة الأرملة أطول من المطلقة احترامًا لحرمة الزوج المتوفى، ولمراعاة صدمتها النفسية، وللتحقق من خلو الرحم، وتهيئتها للانتقال إلى حياة جديدة دون استعجال أو ضغط اجتماعي.
تعليقات