لماذا لا نأكل رأس الجمل وندفنها بعد الذبح

في بعض المجتمعات، خاصة في المناطق الصحراوية والريفية، يتناقل الناس عرفًا غريبًا مفاده أن رأس الجمل لا تؤكل، بل يتم دفنها مباشرة بعد الذبح، وكأن بها شيئًا لا يجوز لمسه أو الاقتراب منه. ورغم أن لحم الجمل يُعتبر من أجود أنواع اللحوم وأكثرها فائدة صحية، إلا أن مسألة الرأس تظل محاطة بالكثير من الغموض والتقاليد. فهل المسألة تتعلق بالدين؟ أم أن هناك سببًا علميًا؟ أم أن الحكاية كلها مجرد خرافة توارثتها الأجيال دون تمحيص؟
البعض يربط هذا العرف بأساطير قديمة عن “عين الجمل”، ويقولون إنها تحفظ مشاهد عاشها الجمل طوال حياته، وإن النظر إليها مباشرة بعد الذبح قد يسبب ضررًا نفسيًا أو يُنقل شرًا ما. هذه المعتقدات، رغم أنها تبدو خرافية، إلا أنها ما زالت تؤثر في سلوك الناس إلى اليوم. وفي بعض القرى، يقوم الجزار فور ذبح الجمل بقطع الرأس ودفنها بعيدًا عن أعين الحاضرين، وأحيانًا يُغطى موضع الذفن بالحجارة أو التراب بشكل مُحكم، وكأنهم يخشون عودة الرأس للحياة أو إرسال لعنة ما.
من الناحية الدينية، لا يوجد نص صريح في الشريعة الإسلامية يُحرّم أكل رأس الجمل. بل إن العلماء أكدوا أن كل ما في الجمل حلال أكله إذا ذُبح وفق الشريعة، بما في ذلك الرأس واللسان والمخ. لكن بعض الفقهاء أشاروا إلى كراهة أكل جزء معين منها إذا اقترن ذلك بأذية نفسية أو منظر منفّر، مثل مقلة العين أو بعض الغدد القريبة من الحنجرة. أما دفن الرأس، فلم يُنقل في السنة أو عن الصحابة أي توصية أو عادة تدل على ذلك، مما يرجح أن الأمر لا علاقة له بالدين، بل هو نابع من العادات القديمة والموروثات الشعبية.
لكن ماذا يقول العلم عن رأس الجمل؟ وهل هناك سبب صحي يمنع من أكله؟ ولماذا لا تنتشر وصفات طبخ لرأس الجمل كما هو الحال مع رأس الخروف؟ ستجد الإجابة المفصلة في الصفحة الثانية….
تعليقات