الأمراض النفسية سببها العائلة

الأمراض النفسية سببها العائلة

الشفاء من الأمراض النفسية التي سببها الأهل ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن. الخطوة الأولى هي الوعي، أن ندرك أن ما نعانيه اليوم قد لا يكون ذنبنا، بل هو انعكاس لبيئة تربينا فيها. الطفل الذي كبر على الصراخ والتهديد والنقد لم يكن مخطئًا، بل كان ضحية، وتحرّره يبدأ عندما يكف عن لوم نفسه ويمنح ذاته فرصة جديدة لفهم مشاعره.

بعد الوعي تأتي مرحلة المواجهة. ليس بالضرورة أن تواجه من تسبب في ألمك مباشرة، لكن يجب أن تواجه الأفكار السلبية التي زرعها بداخلك. إذا قالوا لك إنك فاشل، فابحث عن نجاحاتك. إذا قارنوا بينك وبين غيرك، فافهم أن لكل إنسان مسارًا مختلفًا. وإذا حرمك أهلك من الحنان، فكن أنت الشخص الذي يحتوي نفسه، وامنح الآخرين الحنان الذي افتقدته، دون أن تسمح لأحد بكسرك مجددًا.

العلاج النفسي أيضًا له دور أساسي، فجلسات العلاج السلوكي المعرفي تساعد الشخص على إعادة برمجة أفكاره ومشاعره، وتعلّمه كيف يضع حدودًا صحية، ويستعيد احترامه لذاته. وقد تكون الكتابة، أو الرسم، أو الرياضة، أو ممارسة التأمل أدوات فعالة في التعبير عن الألم وتفريغ الشحنات العاطفية.

أخيرًا، من المهم أن نتوقف عن تكرار النمط ذاته. كثيرون ممن تعرضوا للإيذاء النفسي في طفولتهم ينقلون هذه المعاناة دون وعي إلى أبنائهم. لذلك، فإن أعظم إنجاز يحققه أي إنسان نجا من تربية سامة، هو أن يقرر بوعي أن لا يُكرر الجراح ذاتها مع الجيل القادم.

فليكن هذا المقال تذكيرًا: العائلة قد تكون الجرح الأول، لكنها ليست النهاية. بإمكاننا أن نُعيد بناء أنفسنا من جديد، ونجعل من الألم نقطة بداية، لا نهاية.