درجة حرارة البحر المتوسط لا تنذر بالخير

في كل صيف، تزداد تحذيرات العلماء حول العالم من تأثيرات التغير المناخي على المسطحات المائية، ولكن ما يُرعب العلماء في هذه المرحلة هو ما يحدث في مياه البحر الأبيض المتوسط، حيث وصلت درجة حرارة مياهه في بعض المناطق إلى مستويات لم تُسجل من قبل. هذه الظاهرة لم تعد مجرد موجة حرارة صيفية عابرة، بل مؤشراً مخيفاً على تغيرات مناخية عميقة تحمل آثاراً بيئية واقتصادية واجتماعية قد لا تُحتمل. ما يحدث تحت سطح البحر المتوسط أخطر مما يتخيله كثيرون، لأنه لا يتعلق فقط بارتفاع حرارة المياه بل بتغيرات متسارعة في التوازن البيئي بأكمله.
البيئة البحرية التي طالما كانت مستقرة نسبيًا بدأت تشهد اضطرابات حادة، فارتفاع درجة الحرارة يعني اختناق الشعاب المرجانية، وموت الكائنات البحرية الحساسة للحرارة مثل بعض أنواع الأسماك والقشريات. التغير الحراري يجعل البحر بيئة غير صالحة للأنواع المحلية ويشجع غزو كائنات غريبة مثل سمكة الأرنب التي بدأت تنتشر بشكل مقلق، وتؤدي لتغيرات في السلسلة الغذائية البحرية. الأسوأ من ذلك أن هذا الخلل يهدد الأمن الغذائي لبلدان كثيرة تعتمد على الثروة السمكية من هذا البحر بشكل أساسي.
المصيبة لا تقف عند حدود الحياة البحرية فقط، بل تمتد لتشمل تأثيرات خطيرة على المناخ الساحلي للبلدان المحيطة به. عندما يسخن سطح البحر، تزيد نسبة التبخر وبالتالي ترتفع نسبة الرطوبة في الهواء، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الأمطار الغزيرة والمفاجئة، وارتفاع احتمالية حدوث السيول. كذلك، ارتفاع حرارة مياه البحر يرفع من احتمالية تكوّن أعاصير متوسطية نادرة لكنها عنيفة، تُعرف باسم “ميديكين”، والتي تُسبب أضرارًا جسيمة في البلدان التي تضربها.
في مصر وتونس والجزائر ولبنان وسوريا وحتى جنوب أوروبا، بدأت آثار هذا الارتفاع في حرارة البحر تظهر في صورة موجات حر غير معتادة، وجفاف في بعض المناطق، وأمطار في غير موسمها، واضطراب في مواسم الزراعة والصيد. كما أن الحرارة الزائدة تؤثر سلبًا على ملوحة المياه وتوازن العناصر الكيميائية، مما يؤثر بدوره على الكائنات الدقيقة التي تعتبر أساس السلسلة الغذائية في البحر.
هذه الصفحة لا تحتوي على كل الإجابات، التفاصيل الكاملة في الصفحة الثانية، وفي نهايتها ستجد الإجابة بخط عريض…
تعليقات