درجة حرارة البحر المتوسط لا تنذر بالخير

درجة حرارة البحر المتوسط لا تنذر بالخير

لكن من أخطر ما ينتج عن هذه الظاهرة هو التأثير المحتمل على التيارات البحرية. البحر المتوسط يتصل بالمحيط الأطلسي من خلال مضيق جبل طارق، وتلعب حرارة المياه دورًا في تحريك هذه التيارات الحيوية. أي خلل في هذه الدورة يعني إمكانية تغيّر المناخ ليس فقط في دول المتوسط بل على نطاق عالمي. العلماء يحذرون من أن استمرار هذا الارتفاع قد يؤدي إلى مرحلة لا يمكن الرجوع عنها، ويطلقون عليها “نقطة التحول”، والتي تعني أن البحر سيتحول إلى خزان حراري يُسرّع من وتيرة التغير المناخي بدلاً من أن يوازنها.

من جهة أخرى، هناك تحذيرات حقيقية من أن ارتفاع حرارة البحر سيؤثر على الاقتصاد السياحي في الدول المتوسطية. فالكثير من السواحل قد تصبح غير صالحة للسباحة بسبب المد الأحمر أو تكاثر الطحالب السامة، كما قد تتغير ألوان المياه ورائحتها مما ينفّر السياح. إضافة إلى أن الكائنات البحرية النافعة ستنقرض أو تهاجر، مما يؤثر مباشرة على مهنة الصيادين ودخل آلاف العائلات.

الأمم المتحدة ومراكز الأبحاث الإقليمية أكدت أن الوضع بات يتطلب خططاً طارئة، وليس فقط تحذيرات نظرية. يجب إعادة النظر في نظم التبريد لمحطات الطاقة والمصانع المطلة على البحر، وإيقاف ضخ المياه الساخنة إليه، والتوقف عن رمي النفايات الكيميائية، والحد من الصيد الجائر، وتعزيز الحماية للأنظمة البيئية الحساسة. فالتقاعس الآن يعني كارثة خلال سنوات معدودة، وقد يكون البحر الذي طالما ارتبط بالحياة، هو نفسه سبب التهديد الأكبر في المستقبل القريب.

ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط لا يعني فقط تغيرًا مناخيًا مؤقتًا، بل هو جرس إنذار عالمي على كارثة بيئية وشيكة تهدد توازن الحياة البحرية والبشرية في آن واحد.