معنى فشاربون شرب الهيم في سورة الواقعة

معنى فشاربون شرب الهيم في سورة الواقعة

اختيار الجِمال الهِيم في هذا التشبيه ليس عبثًا، بل هو اختيار قرآني بالغ الدقة. فالعرب في زمن التنزيل كانوا يعرفون هذا المرض جيدًا، وكانوا يرون الجمل المصاب بالهيام يشرب الماء بشراهة عجيبة دون أن يرتوي، فيموت عطشًا وهو غارق في الماء. هذا التناقض بين وفرة الماء واستمرار العطش يُجسّد حال أهل النار الذين يُقدَّم لهم الحميم، فلا يروون، بل يحترقون من داخله. فالماء الذي هو مصدر حياة في الدنيا، يتحول في الآخرة إلى أداة عذاب شديدة.

وهنا تظهر عظمة التعبير القرآني، فالله لم يقل “فشاربون كثيرًا” أو “فشاربون بشدة”، بل اختار “شُرْبَ الْهِيمِ”، وهو تصوير حسي ونفسي وفكري في آنٍ واحد. إنه شرب بلا فائدة، شرب يزيد الألم، شرب لا عن رغبة بل عن اضطرار، والأشد أنه لا يُخفف العذاب بل يُضاعفه، تمامًا كما تفعل الإبل المصابة بالهيام.

ومن الناحية العقدية، فهذه الآيات لا تُقدَّم كتصوير للعذاب فقط، بل تحمل رسالة واضحة: أن من أعرض عن ذكر الله، وكذّب بالآخرة، واتبع الهوى، سينقلب عليه كل ما كان يتلذذ به في الدنيا، حتى الماء، سيصبح نارًا، وحتى الشرب، سيكون ألمًا. فالعقوبة ليست فقط جسدية، بل نفسية وروحية، إذ يُذلّ الإنسان في أعز ما يحتاج إليه وهو الماء.

الإجابة: المقصود بـ”فشاربون شرب الهيم” أن أهل النار يشربون ماء الحميم كما تشرب الجِمال المصابة بالهيام: بشراهة مؤلمة ودون ارتواء، فيزيدهم شربهم عذابًا فوق العذاب