قصة الشاب السعودي الذي رفض 75 مليون ريال

بعد رفض العرض الكبير، بدأ يوسف يوضح أن المال لم يكن يومًا هو الغاية الأساسية، بل كان يعتبر مشروعه أشبه برسالة يريد أن يحافظ على روحها وقيمها. فقد كان يرى أن دخول مستثمرين كبار قد يغير من طبيعة “حراج” ويفرض عليه نمطًا تجاريًا يركز فقط على الأرباح دون الاهتمام بالمستخدمين. لهذا ظل متمسكًا بفكرته الأصلية التي تقول إن الثقة والاستمرارية والشفافية هي ما يبني المنصات القوية. لم يكن يبحث عن مكسب سريع، بل عن مستقبل طويل المدى يقوده هو بطريقته الخاصة.
بدأ يوسف يطور فريق عمل صغير لكنه متماسك، حتى وصل عدد الموظفين إلى أكثر من 30 شخصًا، يعملون على تحديث الموقع ودعم العملاء وحل مشكلاتهم. واستمر في فرض عمولة بسيطة جدًا لا تتجاوز 1% من قيمة الصفقات، وهو أمر أدهش كثيرين لأن المواقع العالمية غالبًا ما تأخذ نسبًا مضاعفة. بهذا كسب محبة المجتمع، لأن الجميع شعروا أن الهدف هو خدمتهم لا استغلالهم. كان يرى أن العلاقة بين المنصة ومستخدميها أهم بكثير من أي أرباح سريعة، وأن الثقة التي يبنيها اليوم ستمنحه غدًا مكانة لا تُشترى بالمال.
ومع مرور الوقت أصبح “حراج” أكثر من مجرد موقع للبيع والشراء، فقد صار علامة تجارية يعرفها كل بيت في السعودية، وميدانًا رقميًا يضخ مئات الملايين شهريًا في السوق. لم يعد يوسف ذلك الطالب الذي يبحث عن وظيفة، بل أصبح رائد أعمال يقود مؤسسة إلكترونية أثبتت أن النجاح لا يحتاج دائمًا إلى استثمار خارجي، بل يحتاج إلى صبر ورؤية وإيمان. لقد أثبت أن القرارات الصعبة قد تكون مفتاحًا لأبواب أكبر، وأن رفض المال في الوقت المناسب قد يعني الحصول على ما هو أثمن بكثير منه.
اليوم يُضرب به المثل في عالم ريادة الأعمال السعودي والعربي، كقصة شاب آمن بحلمه ولم يفرط فيه مهما بدت المغريات. لقد علّم الكثيرين أن الطريق الأصعب قد يكون هو الطريق الصحيح، وأن من يؤمن بفكرته ويثبت عليها يكتب قصة نجاح تلهم أجيالًا بعده. فحكاية يوسف الرشيدي ليست مجرد حكاية موقع إلكتروني ناجح، بل هي رواية عن الإصرار والشجاعة ورؤية ما وراء المال. إنها رسالة واضحة: أن الإيمان بالحلم هو الذي يصنع المستحيل.
تعليقات