لماذا تأخر دفن النبي ثلاث أيام

لماذا تأخر دفن النبي ثلاث أيام

في صبيحة يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، عمّ المدينة المنورة حزن لم تشهد له مثيلًا من قبل. فقد ارتفعت روح النبي محمد ﷺ إلى بارئها، تاركًا الأمة في صدمة كبيرة. الصحابة رضوان الله عليهم لم يصدقوا الخبر للوهلة الأولى، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنكر أن يكون رسول الله قد فارق الحياة، وظل يردد أن من يقول ذلك سيعاقبه. لم يكن الموقف سهلًا على الإطلاق، فالنبي كان حياتهم وقائدهم ومعلمهم، وفقده ترك فراغًا مهولًا في قلوبهم.

وفي وسط هذا الاضطراب العظيم، ظهرت الحاجة إلى اتخاذ قرارات مصيرية. لم يكن الأمر متعلقًا فقط بدفن النبي، بل بكيفية إدارة شؤون الأمة من بعده. اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لبحث مسألة الخلافة، فيما كان المهاجرون يحاولون استيعاب الصدمة. كانت المدينة تموج بالأحاديث والدموع، والكل يسأل: كيف نكمل الطريق بعد رسول الله؟ وفي هذه اللحظات الصعبة تأخر دفن النبي ﷺ، وهو أمر أثار تساؤلات كثيرة فيما بعد.

زاد الموقف تعقيدًا أن جسد النبي الطاهر كان أعظم ما يحمله المسلمون من أمانة، ولم يكن يمكن أن يُتخذ قرار في أمر دفنه دون إجماع واطمئنان. وقد بقي الجسد الشريف مسجى في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، فيما انشغل كبار الصحابة بمناقشة الخلافة. كان حرصهم منصبًا على ضمان وحدة الأمة ومنع أي فتنة قد تعصف بها في تلك اللحظات الحرجة. ولأن الحدث جلل، بدا وكأن الزمن توقف ثلاثة أيام حتى يحسم كل شيء.

هنا يبرز السؤال الذي ظل يتردد عبر القرون: لماذا تأخر دفن النبي الكريم ﷺ ثلاثة أيام، في حين أن دفن الميت عادة يكون سريعًا في الإسلام؟ هل كان السبب خلافًا بين الصحابة؟ أم أن هناك حكمة ربانية وراء هذا التأخير غير المسبوق؟ …