قصة سقطت طائرة فوق غابات كولومبيا

لم تتراجع ليانا. زحفت بصمت بين الأعشاب حتى اقتربت من المهد، ووسط غفلة الرجال الملتفين حول الشعلة، مدت يديها بخفة وحملت الرضيع. قلبها يكاد ينفجر من الخوف، لكنها لم تفكر إلا بشيء واحد: النجاة. أشارت لإخوتها، وبدأوا يركضون بين الأشجار، فيما ارتفعت خلفهم صرخات غاضبة: “أمسكوهم… الغرباء سرقوا القربان!”
قضوا ثلاثة أيام في هروب متواصل، لا طعام لديهم سوى ثمار مرة وأوراق خضراء، ولا ماء إلا من جداول ضيقة. كانت ليانا تتحمل الجوع بصمت، لكنها كانت ترى الخوف يتضخم في عيني نوح. وفي إحدى الليالي، اكتشفت ما لم تتوقعه… نوح يفكر في إعادة آدم للقبيلة. قال لها بصوت مرتعش: “إذا رجعنا الطفل يمكن يتركونا.”
صرخت فيه ليانا: “إنهم لن يتركوا أحدًا، الغابة لا تشبع.” لكن نوح لم يكن مقتنعًا. لقد بدأت الغابة تسرق شيئًا آخر… الثقة بينهم. مرّ أربعون يومًا، حتى لمحوا طائرة مروحية في السماء. أشعلت ليانا قماشًا محترقًا ولوّحت به، وصرخوا بكل قوتهم. لحظة واحدة كانت كفيلة بإنهاء كابوس طويل. رجال الإنقاذ عثروا عليهم، لكنهم وجدوا فقط ليانا، أريج، والرضيع.
أما نوح… فقد ابتلعته الغابة، ولم يُعرف له أثر. ليانا غادرت الغابة وعيناها معلقتان بالظلال خلفها، كأنها تعرف أن الغابة لم تنتهِ بعد.
تعليقات