قصة تم تزويد أنثى الصقر بجهاز تعقب

هذه القرارات لم تكن عشوائية، بل كانت جزءًا من “بوصلة داخلية” لا يعرف العلم حتى الآن سرها بالكامل. كيف لطائر صغير ألا يخطئ طريقه وسط آلاف الكيلومترات؟ كيف يعرف بدقة متى يغير مساره؟ هذه الأسئلة ما تزال لغزًا يحير العلماء حتى اليوم.
وبعد رحلة امتدت أكثر من أربعين يومًا، وبمسافة تجاوزت 10,000 كيلومتر، وصلت أنثى الصقر إلى فنلندا. كانت قد عبرت القارات، واجتازت الأنهار والصحاري والجبال، ونجت من الجوع والظمأ والعواصف، لتقف أخيرًا في مكان آمن، حيث وفرة الغذاء وفرصة التكاثر. ما يثير الدهشة حقًا أنها لم تكن ترحل لتعيش وحدها، بل لتستمر دورة الحياة، ولتضمن بقاء نسلها.
لكن الأعجب من ذلك كله، أن هذه الرحلة ليست سوى نصف القصة. فمع بداية الخريف، ستعود أنثى الصقر في رحلة عكسية إلى جنوب إفريقيا، سالكة الطريق ذاته تقريبًا، وكأنها تتبع خيطًا غير مرئي في السماء. رحلة ذهاب وإياب قد لا يجرؤ عليها الإنسان دون طائرات وأجهزة حديثة، بينما تؤديها طيور صغيرة بجناحين لا يتجاوز طولهما بضع عشرات من السنتيمترات.
ويبقى السؤال الذي يثير الفضول: كيف تحفظ هذه الطيور المسار بدقة مذهلة؟ وكيف تقرر مساراتها في مواجهة الصحاري والبحار؟ هل هي مجرد غريزة، أم أن هناك سرًّا في جينات هذه الكائنات لم يكتشفه العلم بعد؟
تعليقات