قصة رجل انجليزي في ال70 من عمره

غير أن المفاجآت لم تتوقف عند السيف. فمع كل طبقة جديدة من الطين كان يزيحها، كان يقترب من اكتشاف آخر أكثر غرابة. وبينما كان يتفحص قاع البئر وجد صندوقًا خشبيًا صغيرًا بدا متآكلًا من أثر المياه والطين، لكنه ظل متماسكًا بشكل مدهش رغم مرور قرون طويلة على وجوده في هذا المكان. تردّد للحظة قبل فتحه، فالمشهد كان أشبه بمشهد من فيلم مغامرات تاريخي، لكن فضوله تغلّب على تردده.
فتح كولين الصندوق بحذر، ليجد داخله قطعًا معدنية وأحجارًا صغيرة، بعضها بدا بوضوح أنها عملات نقدية قديمة، عليها نقوش شبه مطموسة لملوك وشخصيات تاريخية عاشوا في العصور الوسطى. كان بعضها مغطى بالصدأ بشكل شبه كامل، لكن مجرد العثور عليها شكّل دليلًا حيًا على أن هذا البئر لم يكن مكانًا عاديًا.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة كان وجود قصاصات ورقية ومخطوطات ممزقة، مكتوبة بخط يد قديم متعرج يصعب قراءته. رغم تآكل الحبر والورق، إلا أن بعض الحروف والكلمات بقيت واضحة، ما جعل الخبراء الذين عاينوا البئر لاحقًا يرجحون أن هذه المخطوطات تعود إلى راهب أو كاتب عاش قبل مئات السنين. وربما وُضعت داخل البئر عمدًا لإخفائها عن أعين اللصوص أو خلال فترة من الاضطرابات السياسية والدينية التي اجتاحت أوروبا في تلك الأزمنة.
لقد تحوّل البيت الذي كان يبدو عاديًا من الخارج إلى كنز أثري حقيقي، نافذة مفتوحة على الماضي السحيق. بعض الباحثين اعتقدوا أن البئر كان جزءًا من نظام مائي قديم لتجميع مياه الأمطار، بينما افترض آخرون أنه استُخدم كمخبأ سرّي خلال أوقات الحرب. أمّا السيف والعملات والمخطوطات فهي شواهد على قصص إنسانية لم تصلنا كاملة بعد، لكنها بالتأكيد تخبرنا أن هذه البقعة الصغيرة من الأرض شهدت أحداثًا كبرى منذ مئات السنين.
اليوم، أصبح “كولين ستير” شخصية مثيرة للاهتمام في الإعلام البريطاني، إذ تُنشر قصته في الصحف ويُستضاف في البرامج الوثائقية ليحكي كيف أن حفرة صغيرة في غرفة المعيشة تحولت إلى رحلة استكشاف تاريخي مذهلة. ولا يزال كولين، رغم تقدمه في العمر، يواصل الحفر والتنقيب من وقت لآخر، على أمل أن يعثر على المزيد من الأسرار المخفية في أعماق بيته.
وهكذا، تُذكرنا قصته أن التاريخ لا يوجد فقط في المتاحف أو الكتب، بل قد يكون مخبأً تحت أقدامنا، ينتظر من يجرؤ على الحفر ليكشف أسراره. إنها قصة فضول إنساني لا يعرف الاستسلام، وإثبات حيّ أن بيتًا عاديًا قد يتحول فجأة إلى بوابة للعصور الوسطى التي لم تكشف بعد عن كل غموضها.
تعليقات