رﺟﻞ ﺃﺑﻜﻰ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻟﻴﻀﺤﻚ ﺯﻭﺟﺘﻪ

رﺟﻞ ﺃﺑﻜﻰ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ ﻟﻴﻀﺤﻚ ﺯﻭﺟﺘﻪ

في طريق العودة ظل الصمت يخيّم على السيارة، لم يسمع إلا أنين ابنه الصغير وصوت تنفس أمه المقهور. لم تنطق بكلمة، لكنها كانت تنظر من النافذة بعينين غارقتين في الحزن، وكأنها تودع الحياة من قلبها قبل جسدها. حاول أن يتجاهل الموقف لكنه لم يستطع، فكلما نظر في المرآة ورأى ملامحها المرهقة شعر بثقل لا يزول.

حين وصلوا إلى المنزل، تركت الأم حفيدها بهدوء ودخلت غرفتها دون أن تتحدث إلى أحد. لأول مرة لم تطلب من ابنها شيئًا، ولم تنظر في عينيه كما كانت تفعل دائمًا. اكتفى الزوج بمتابعة زوجته وهي تنظم المشتريات، لكن عقله ظل مشغولًا بصورة أمه المنكسرة. كانت تلك النظرات بمثابة سيف اخترق قلبه دون رحمة.

في تلك الليلة، لم يتمكن من النوم. تقلب في فراشه مستعيدًا كل الذكريات التي جمعته بأمه منذ طفولته: كيف كانت تسهر بجانبه حين يمرض، وكيف تحملت الفقر والجوع من أجله، وكيف كانت تفرح بأصغر إنجازاته. فجأة أدرك أن ما فعله لم يكن مجرد خطأ عابر، بل جريمة في حق قلب أمه الذي طالما كان الملجأ الوحيد له.

مع بزوغ الفجر، قرر أن يذهب إلى غرفتها ليعتذر، لكنه وجدها ساجدة تصلي والدموع تنساب من عينيها. سمعها تدعو الله أن يهدي قلبه ويغفر له، فشعر بارتجاف شديد وانهار باكيًا عند قدميها. لم تقل شيئًا، اكتفت بأن وضعت يدها على رأسه كما كانت تفعل وهو صغير، ليزداد بكاؤه ندمًا وخجلًا من نفسه.

لكن القصة لم تنته عند هذا الاعتذار، فقد كان القدر يخفي له مفاجأة أقوى.
هذه المرة سيدرك أن عقوق الوالدين ليس مجرد خطيئة، بل باب للابتلاء القاسي… في الصفحة الثالثة…..