اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة قد ينذر بالسرطان

اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة قد ينذر بالسرطان

قد يظن البعض أن اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة أمر طبيعي وعابر يرتبط بالجوع أو برغبة الجسم في تعويض نقص غذائي محدد، إلا أن الأطباء يشيرون إلى أن تكرار اشتهاء أطعمة بعينها بشكل مبالغ فيه أو غير معتاد قد يكون وراءه أسباب مرضية خطيرة، منها بعض أنواع السرطان. فالجسم أحيانًا يبعث برسائل غير مباشرة من خلال الميل الشديد إلى مأكولات معينة، لكن المشكلة أن هذه الرسائل كثيرًا ما يتم تجاهلها أو تفسيرها بشكل بسيط على أنها مجرد شهوة مؤقتة للطعام، في حين أنها قد تخفي وراءها مؤشرات تستدعي الانتباه والفحص الطبي المبكر.

على سبيل المثال، اشتهاء الحلويات أو السكريات بشكل مفرط قد يكون علامة على اضطراب في عملية التمثيل الغذائي أو مقاومة الأنسولين، لكن في بعض الحالات قد يرتبط أيضًا بسرطان البنكرياس الذي يؤثر على إنتاج الأنسولين ويجعل الجسم يطالب بالمزيد من السكر. كذلك، الرغبة المتكررة في تناول اللحوم الحمراء أو الأطعمة المالحة قد تكون أكثر من مجرد تفضيل غذائي، إذ يربط بعض الباحثين بينها وبين سرطانات الجهاز الهضمي نتيجة الخلل في توازن المعادن أو الأملاح في الجسم. الأمر لا يعني أن كل رغبة عابرة تشير إلى مرض خطير، لكن التكرار والإلحاح هما اللذان يثيران القلق.

ومن الأمثلة اللافتة أيضًا اشتهاء الثلج أو المواد غير الغذائية مثل الطين أو الورق، وهو ما يعرف بالـ “بيكا”، وقد ارتبط في أبحاث طبية بحالات فقر الدم المزمن الناتج عن نزيف داخلي في المعدة أو الأمعاء، وهو أحد الأعراض المبكرة لبعض سرطانات الجهاز الهضمي. كما أن الميل المفرط للأطعمة الدسمة أو الغنية بالدهون قد يكون مؤشرًا لخلل في الكبد أو المرارة، وفي أحيان نادرة قد يكشف عن وجود ورم يؤثر على إفراز العصارات الهضمية. هذه الدلالات وإن بدت غريبة، إلا أن الأطباء يؤكدون أن الجسم لا يرسلها عبثًا بل ليشير إلى خلل داخلي يستحق الفحص.

من المهم أن ندرك أن العلاقة بين اشتهاء الطعام والسرطان لا تعني أن كل من يفضل صنفًا معينًا معرض للإصابة، بل إن الخطر يكمن في التغير المفاجئ والمستمر في عادات الأكل. فإذا لاحظ الشخص أنه أصبح لا يقاوم نوعًا محددًا من الأطعمة بطريقة لم تكن مألوفة له من قبل، خصوصًا إذا ترافق ذلك مع أعراض أخرى مثل فقدان الوزن غير المبرر، الإرهاق المستمر، آلام البطن، أو اضطرابات الجهاز الهضمي، فهنا يصبح الأمر جرس إنذار يستدعي مراجعة الطبيب وإجراء الفحوصات اللازمة.

الوقاية دائمًا تبدأ بالوعي، والانتباه لتلك الإشارات البسيطة قد ينقذ حياة كاملة. فلا ينبغي الاستهانة بأي تغير في السلوك الغذائي إذا استمر لفترة طويلة أو كان مبالغًا فيه، بل يجب التعامل معه كرسالة من الجسم تستحق التفسير. إن الكشف المبكر عن السرطان يضاعف فرص الشفاء بنسبة كبيرة، لذلك فإن ربط اشتهاء أطعمة معينة بإمكانية وجود مرض خطير ليس من باب المبالغة، بل من باب الحذر الذي قد يمنح المصاب فرصة ذهبية للعلاج المبكر.

وبالتالي فإن اشتهاء أنواع معينة من الأطعمة بشكل مفاجئ ومتكرر قد يكون علامة إنذار مبكر لبعض السرطانات، ويجب عدم تجاهل الأمر واللجوء إلى الفحص الطبي لتحديد السبب بدقة.