في لحظة من اللحظات اللي كان الغضب مسيطر عليا فيها، وأنا فاكرة كويس إني كنت خارجة مع الطفل اللي طلب مني أتكلم معاه بره الفصل، كنت متأكدة إن الموضوع بسيط لا يستحق كل الإصرار اللي شفته في عينيه. لكن لما بصيت لملامحه لقيتها مختلفة عن باقي الأطفال، كان فيه خوف ممزوج بالجدية، وكأنه شايل سر أكبر من سنه بكتير. وقف قدامي وقال بصوت واطي: “يا ميس بالله عليكي متضربيش أحمد تاني، هو مش ذنبه، هو بس مش بينام في البيت من كتر اللي بيحصل عندهم”. حسيت بدمي بيتسحب من جسمي وساعتها لأول مرة اتكسفت من نفسي ومن اللي عملته.
فضلت واقفة قدامه مش قادرة أنطق ولا أرد، قلبي كان بيدق بسرعة ودموعي على وشك تنزل، لكني حاولت أثبت ملامحي قدام الطفل. سألته: “هو بيحصل إيه عنده في البيت؟” الولد سكت شوية وبعدين قال: “باباه بيضربه كتير وبيطرده برا البيت بالليل، وأحيانًا بينام على السلم، وإحنا كلنا عارفين كده في الشارع”. حسيت بكلمة بتقطع قلبي نصين، إزاي أنا زودت عليه الألم بدل ما أكون حضن أمان له. رجعت أبص بعيني على الفصل من بعيد وشوفت أحمد لسه قاعد مكانه خايف ومترقب النتيجة، ساعتها قررت إن الموقف مش هيعدي زي ما هو.
دخلت الفصل وقلبي بيتخبط وأنا ببص على أحمد، حسيت كأني شايفاه لأول مرة، وشايفة الوجع في عينيه اللي أنا كنت غافلة عنه. قربت منه بكل هدوء وحطيت إيدي على كتفه وقلتله: “أنا آسفة يا أحمد”. الولد رفع عينه مستغرب ومش مصدق، وبصوت واطي قال: “ولا يهمك يا ميس”. الكلمات دي وجعتني أكتر، طفل في عمره بيتعود يسامح على الظلم لأنه شايفه طبيعي في حياته. اتأكدت وقتها إني لازم أتحرك، ومينفعش أسيب الموضوع يمر كده.
بس اللي اكتشفته بعد كده لما رحت بيت أحمد فتحلي باب أكبر بكتير من اللي كنت متخيلة، وده اللي هتعرفوه في الصفحة التانية…….
تعليقات