فاجعة احتراق مركبة في مصر

في صباح يوم مشمس، قرر سبعة أصدقاء من محافظة مصرية صغيرة الانطلاق في رحلة إلى إحدى المناطق الجبلية للاستمتاع بالطبيعة وكسر روتين الحياة اليومية. كانوا جميعًا في العشرينات من أعمارهم، يحملون معهم أحلام الشباب وضحكات بريئة وحقائب صغيرة ممتلئة بالذكريات التي كانوا ينوون صنعها. انطلقت المركبة الخاصة بأحدهم بسرعة متوسطة على الطريق السريع، والضحكات تملأ الأجواء والموسيقى تعلو في الخلفية، وكلهم واثقون أن هذه الرحلة ستكون من أجمل أيام حياتهم. لم يكن أحد منهم يتخيل أن هذا الطريق سيحمل لهم النهاية بدلًا من البداية وأن لحظات الفرح ستتحول إلى كارثة تبكي لها العيون.
مع اقترابهم من منتصف الطريق، بدأت السماء تتلبد ببعض الغيوم، لكنهم تجاهلوا الأمر ظنًا منهم أنه مجرد تغير في الطقس. كانت الأحاديث بينهم مليئة بالحماس عن أماكن الزيارة وخطط الطعام والصور التي سيلتقطونها سويا، فيما جلس السائق يركز على الطريق مبتسمًا وهو يستمع إلى ضحكات أصدقائه. فجأة، ظهر أمامهم شاحنة ضخمة متوقفة بشكل غير متوقع دون إشارات تحذيرية، فحاول السائق الانحراف بسرعة لتفادي الاصطدام المباشر. المركبة انحرفت بقوة واصطدمت بالحاجز الجانبي للطريق، لتبدأ الشرارة الأولى التي غيرت كل شيء في لحظة.
توقف الزمن للحظات ثم بدأ الحريق يلتهم المركبة بسرعة مرعبة، تصاعد الدخان الكثيف وتحولت أصوات الضحك إلى صرخات استغاثة تدمي القلوب. حاول بعض المارة الاقتراب لإنقاذهم لكن النيران كانت شديدة وحرارة اللهب جعلت الأمر شبه مستحيل. أصوات الفرامل وسيارات المارة توقفت فجأة والوجوه متجمدة من هول المشهد، بينما الأصدقاء داخل المركبة يحاولون كسر الزجاج بأي وسيلة دون جدوى. دقائق معدودة كانت كافية لتحويل الرحلة إلى مأساة أبدية لن ينساها أهل المنطقة.
وصلت سيارات الإسعاف والدفاع المدني متأخرة أمام ألسنة النيران التي ابتلعت كل شيء، فلم يتمكنوا سوى من إخماد الحريق وانتشال الجثامين التي لم تعد ملامحها واضحة. تجمهر الناس حول المكان يتهامسون بصدمة والدموع تملأ عيونهم، فهؤلاء الشبان كانوا معروفين في قريتهم بأخلاقهم الطيبة وأحلامهم الكبيرة.
في لحظة واحدة تحولت أحاديث الأمس عن الفرح والسفر إلى بكاء مرير ودعوات بالرحمة لهم جميعًا. الطريق عاد هادئًا، لكن أثر تلك الفاجعة ظل محفورًا في ذاكرة كل من شهدها أو سمع بها … باقي التفاصيل في الصفحة الثانية……..
في القرية الصغيرة التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب، عمّ الصمت مع وصول سيارات الإسعاف وهي تنقل الجثامين إلى المستشفى الحكومي. الأمهات كن ينتظرن مكالمات فرح تخبرهن بسلامة وصول أبنائهن، لكن بدلاً من ذلك تلقين خبر وفاتهم جميعًا في حادث مأساوي. عندما وصل أول جثمان إلى القرية، دوّى صوت الصراخ والنحيب في الأزقة الضيقة، حتى الجيران الذين لا تربطهم صلة قرابة تألموا وكأن المصيبة تخصهم. الرجال تجمعوا حول البيوت لمواساة الآباء المكلومين، بينما النساء يساندن الأمهات المصدومات.
في المستشفى، كان المشهد أكثر إيلامًا، فقد اضطر الأطباء إلى استخدام بطاقات الهوية للتعرف على الجثامين بسبب آثار الحريق. أصدقاء الضحايا وزملاؤهم في العمل والجامعة بدأوا يتوافدون لتوديعهم للمرة الأخيرة، ووجوههم ممتلئة بالحزن والذهول. لم يتوقع أحد أن مجموعة من الشباب المفعم بالحياة سيتحولون إلى جثامين مكفنة في ساعات قليلة. حتى العاملين في المستشفى لم يستطيعوا إخفاء دموعهم أمام المشهد الذي يعجز اللسان عن وصفه.
عند تجهيز الجثامين للدفن، سار موكب الجنازات في طرقات القرية وسط دموع وصرخات الأهل والأقارب، وكأن الأرض كلها تبكي معهم. كانت كل جنازة تمر أمام البيت الذي تربى فيه صاحبها، فيعلو البكاء من جديد وتنهار الأمهات عند الوداع الأخير. لم يكن هناك بيت في القرية إلا وتأثر بالفاجعة، فالضحايا كانوا أصدقاء للجميع، وكل بيت لديه ذكرى معهم. تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحات عزاء ودعوات بالرحمة، وصور الشباب قبل رحلتهم تملأ الصفحات والقلوب بالحسرة.
بعد الدفن، جلس كبار القرية يتحدثون عن قسوة القدر وأهمية الحذر على الطرق، لكنهم أجمعوا أن ما حدث كان فوق طاقة البشر. البعض اعتبر الحادث رسالة لتقدير اللحظات التي نعيشها مع من نحب، والبعض الآخر بكى طويلاً دون كلام. بقيت صور الأصدقاء وهم يضحكون قبل ساعات من رحلتهم الأخيرة ترسم ألمًا لا يزول، وكأن ضحكاتهم عالقة في الهواء تذكّر الجميع بأن الفرح قد ينقلب إلى مأساة في غمضة عين. تركوا وراءهم قلوبًا محطمة وذكريات لن تمحوها السنين.
تعليقات