قصة في يوم من الأيام رجع زوج لبيته في وقتٍ غير المعتاد

بعد أشهر من الحادثة، ذاع صيت الرجل في القرية وخارجها، فقد أصبح حديث المجالس عن حكمته ورباطة جأشه. كثيرون قالوا إن أي رجل مكانه كان سيفقد أعصابه ويرتكب ما يندم عليه، لكنه اختار أن يحافظ على نفسه من السجن والعار. بعض الشيوخ أثنوا على تصرفه أمام الناس، معتبرين أن ما فعله رسالة قوية ضد الخيانة، وأن كرامته فوق كل اعتبار. بينما البعض الآخر لامه على فضح الأمر علنًا، لكن حتى هؤلاء لم يستطيعوا إنكار أن هدوءه في لحظة الغضب كان درسًا بليغًا.
مرت السنوات وتزوج الرجل مرة أخرى من امرأة صالحة عرفها عبر عائلته، وعاش معها حياة هادئة مليئة بالاحترام المتبادل. لم ينسَ الريال أبدًا، لكنه لم يعد رمزًا للألم فقط، بل أصبح تذكيرًا بقدرة الإنسان على اختيار الطريق الصحيح حتى عندما يكون جريحًا. كان يحتفظ به في درج مكتبه ويخرجه أحيانًا ليحكي القصة لأبنائه حتى يتعلموا أن الخيانة تقتل الثقة وأن الغضب لا يحل المشاكل.
أما الزوجة السابقة، فقد عاشت بقية حياتها منبوذة في قريتها، تحمل ثقل ما فعلته. حاولت مرارًا الاعتذار للرجل وطلبت منه أن يسامحها، لكنه لم يعد يفتح هذا الباب، لم يكرهها لكنه لم يستطع أن ينساها أو يعيد الثقة بها. الريال بقي بينهما كرمز لصمتٍ مليء بالكبرياء من طرفه وندمٍ أبدي من طرفها.
وهكذا أصبحت قصة “الريال” تُروى للأجيال في تلك المنطقة العراقية، كحكاية حقيقية تفوق الخيال عن رجل واجه أبشع الخيانات بأعقل تصرف. تعلم منها الناس أن الصبر والحكمة أحيانًا أقوى من أي انتقام، وأن مواجهة الحقيقة بشجاعة قد تترك أثرًا أعظم من أي عقاب.
تعليقات