قصة خرج شاب من بيته وهو يدفع عربة مليئة بالخبز

في أحد أحياء المدينة البسيطة، خرج شاب يسعى لرزقه وهو يدفع أمامه عربة مليئة بالخبز الطازج، تفوح منه رائحة تشهد على تعبه وحرصه على قوت يومه. ظل يردد في نفسه أن الله لن يضيّع جهده، وأن الأمل في الرزق لا ينقطع. توقف على جانب الطريق، ووضع عربته في مكان ظاهر، منتظرًا أن يقبل أحد المارة ليشتري منه، لكن الساعات مرّت بطيئة وكأنها أثقل من الجبال.
ومع غروب الشمس، لم يتحقق ما كان يرجوه، ولم يُبع رغيف واحد. جمع الشاب نفسه، وقرر العودة كما خرج تمامًا، بلا بيع ولا مال، لكن بإيمان راسخ أن الغد قد يحمل خيرًا. فتح باب بيته بخطوات متثاقلة، لتستقبله زوجته بدهشة كبيرة عندما رأت العربة ممتلئة كما تركها صباحًا. سألته بصوت يرتجف: “ألم تبع شيئًا اليوم؟” فابتسم ابتسامة رضا وقال: “غدًا يرزقنا الله، فالرزق بيده وحده”.
لكن المفاجأة كانت في اقتراحه الغريب؛ إذ طلب من زوجته أن توزع الخبز على الجيران بدلاً من أن يبيت عندهم بلا فائدة. أخذت الزوجة الأرغفة وبدأت تطرق الأبواب واحدًا تلو الآخر، لكن الجميع اعتذر بلطف أو رفض أخذ شيء. كلما عادت بخيبة، زاد شعورها بالحيرة والدهشة، حتى امتلأت عيناها بالدموع. وعندما عادت إلى زوجها، سألتها مدهوشًا: “ما الذي يبكيكِ يا امرأة؟”.
هنا بدأت الزوجة تسرد ما جرى لها، بارتجاف يختلط بالدهشة: “بينما كنت عائدة بالعربة، أوقفني شيخ كبير، وجهه كالقمر، ناصع البياض، وصوته يملؤه الوقار. سألني: هل تعرفين بيت فلان؟ فقلت له نعم، إنه في آخر الطريق.
طلب مني أن أوصله، فسرت أمامه حتى وقفنا عند المنزل المقصود”… والصدمة كانت .. في الصفحة الثانية…..
لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد شعرت الزوجة أن هذا الشيخ لم يكن عابر سبيل عادي، بل أن حضوره كان أشبه بالرسالة الإلهية. كان يسير خلفها بخطوات هادئة، وكأن الأرض تتفتح له بالسكينة. وعندما وصلا إلى البيت، ابتسم لها ابتسامة لم تر مثلها من قبل، ثم قال: “جزاكِ الله خيرًا، لقد أديتِ ما عليكِ”. لكنها عندما التفتت بعد لحظة… لم تجده خلفها!
ارتجفت الزوجة وعادت مسرعة إلى بيتها، وهي تشعر أن ما حدث يفوق حدود العقل. جلست أمام زوجها وروت له التفاصيل، بينما هو يستمع بذهول لم يستطع إخفاءه. ظل صامتًا لحظة، ثم قال لها: “لعلها رسالة من الله، وأن الخير سيأتينا من حيث لا نحتسب”. لكن قلبه كان يخفق بسرعة وهو يتساءل: من يكون هذا الشيخ؟ وما الذي أراد أن يوصله لهما؟
في اليوم التالي، وبينما الشاب يستعد للخروج مجددًا بعربته، فوجئ بالناس يتقاطرون على بيته فجراً، كل واحد يطلب رغيفًا أو أكثر. لم يفهم في البداية سبب هذا التجمّع، لكنه علم لاحقًا أن الجيران أنفسهم شعروا أن هناك سرًا غامضًا في رفضهم السابق، وكأنهم دُفعوا لدور غير معتاد. بدأ الخبز يُباع بسرعة غير مسبوقة، حتى نفد ما في العربة كلها قبل أن ينتصف النهار.
أصبح الشاب معروفًا في الحي ببركته، والناس يتحدثون عن “قصة الخبز” التي تحولت من خيبة أمل إلى رزق واسع وكرامة ظاهرة. والزوجة لم تنسَ قط ملامح الشيخ الغامض الذي ظهر فجأة، وأرشدها إلى البيت المجهول ثم اختفى في لمح البصر.
تعليقات