قصة جاءت إمرأة إلى الحجاج

قصة جاءت إمرأة إلى الحجاج

جاءت امرأة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أشهر ولاة بني أمية وأكثرهم صرامة وحزمًا، وقالت له بجرأة غير متوقعة: “أشكو إليك قلة الفئران في بيتي”. للوهلة الأولى قد يظن السامع أنها تشكو من أمرٍ عادي أو ربما تسخر، لكن كلماتها كانت تحمل معنى خفيًا، فالفئران في ذلك الزمن كانت تُعد دليلًا على وجود الحبوب والمؤن في البيوت. وعندما تقل الفئران فهذا يعني أن البيت قد خلا من الطعام والمؤن وأن الفقر قد بلغ بهم حدًا كبيرًا.

الحجاج المعروف بشدته لم يكن غافلًا عن المعاني المبطنة للكلمات، فقد فهم أن المرأة تقصد بفئرانها الفقر الشديد، وأن شكواها لم تكن إلا طلبًا للمساعدة بطريقة ذكية تتجنب بها غضب الوالي أو حراسه. لكنها لم تدرك أن اختيارها لهذه الكلمات قد يُفهم عند الحجاج على أنه نوع من السخرية أو التحدي لهيبته أمام الناس. لذلك جاء رده المفاجئ والصارم حين التفت إلى أحد العاملين لديه وقال له: “اقطع لسانها”، وهو تعبير استخدمه بمعناه المجازي أكثر من معناه الحرفي.

هذا الموقف يكشف بوضوح طبيعة شخصية الحجاج الحادة وكيف كان يتعامل مع من يراه يلمح بالانتقاد أو التهكم، حتى لو كان بطريقة غير مباشرة. وفي الوقت ذاته يعكس حيلة المرأة التي لجأت إلى أسلوب رمزي لتوضح فقرها بدلًا من أن تقول مباشرة إنها محتاجة، خوفًا من بطشه أو إحراج نفسها أمام الناس. وفي الثقافة العربية القديمة كانت الفئران بالفعل علامة على كثرة الطعام، لذلك فقولها هذا لم يكن بلا معنى أو مغزى.

من المهم أن نفهم سياق الزمن واللغة المستخدمة في تلك العصور، فالكلمات كانت تحمل معاني ضمنية قد تُفهم بأكثر من طريقة، وهو ما جعل مثل هذه القصص تُروى عبر الأجيال كأمثلة على الذكاء والحكمة أو على شدة بعض الحكام. والقصص التاريخية كهذه ليست مجرد حكايات مسلية بل تحمل دروسًا عن البلاغة وفهم الكلام وسرعة البديهة.

تابعوا الصفحة الثانية لتعرفوا بدقة ما الذي قصدته المرأة بكلامها وما الذي أراده الحجاج بأمره الصارمواكتشفوا في النهاية الحكمة التي نستخلصها من هذا الموقف التاريخي المثير