قصة أبنائي باعوني قبل أن يبيعوا بيتي

مرت الشهور، وفي يوم عاصف تلقيت اتصالًا غير متوقع، كان من يوسف، أصغرهم وصاحب القلب الأضعف. صوته كان متهدجًا وهو يقول: “ماما… سامحيني، حياتنا انهارت. المال ضاع، أدهم هرب، ومنى مريضة. لم يعد لدينا أحد سواك.” صمتُّ طويلًا، ثم قلت له ببرود لم يعرفه مني من قبل: “هل تذكر يوم بعتوني؟ يوم تركتموني على الرصيف؟ لقد وُلدتُ من جديد يا يوسف، ولم أعد تلك الأم التي تضحّي دون حساب.” سكت يبكي، فأغلقت الهاتف وأنا أشعر بثقل يزول من قلبي.
بعدها بأيام جمعتهم في مكتبي عند المحامي. جلسوا أمامي مرتبكين، لا يصدقون أنني أملك الآن مكتبًا وأوراقًا تثبت أنني وريثة لأراضٍ وثروة. نظرت إليهم بعينين دامعتين وقلت: “هذا ما تركه والدكم… لي وحدي. أردت أن أريكم أنني لست ضعيفة كما ظننتم. لكن رغم كل ما فعلتموه، ما زلت أمكم، وسأعطيكم فرصة واحدة لتعودوا إلى رشدكم.” خفضت منى رأسها، وأدهم صمت، بينما يوسف كان يبكي بلا توقف.
في تلك اللحظة أدركوا أن الأم التي باعوها، عادت أقوى مما تخيلوا. أما أنا، فقد تعلمت أن أعنف الجروح لا تميت، بل تصنع إنسانًا جديدًا يعرف أن الرحمة لا تُعطى لمن لا يستحقها، لكنها أيضًا لا تُمنع حين يكون الأمل في الهداية قائمًا.
تعليقات