لماذا يجب حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين

الحقيقة التي لا جدال فيها أن الإسلام دين رحمة، ولم يأمر يومًا بإتلاف متعلقات الميت لمجرد وفاته، بل حث على التصدق بها أو الاستفادة منها بما ينفع الأحياء ويزيد من حسنات الميت. فمن يتصدق بملابس فقيده يجعلها صدقة جارية تصل ثوابها إليه وتخفف عن المحتاج في الوقت نفسه. أما فكرة الحرق فهي إضاعة للمال، وقد نهى الشرع عن إضاعة المال بلا سبب معتبر. لذا، فإن أفضل ما يمكن فعله هو تحويل هذه المتعلقات إلى مصدر خير بدلًا من تحويلها إلى رماد.
كما أن بقاء الملابس قد يكون في بعض الأحيان بلسمًا نفسيًا لأهل الفقيد، فهناك من يحتفظ بقطعة معينة كتذكار يشعره بالقرب الروحي من الراحل. وفي المقابل، قد يختار البعض التبرع بها كلها ليشعروا أنهم أكرموا فقيدهم بعمل صالح. وفي كلا الحالتين، المهم أن يكون الفعل نابعًا من فهم صحيح لا من خوف أعمى أو تقليد أعمى.
الموروثات الشعبية قد تكون جزءًا من الهوية الثقافية، لكنها لا يجب أن تتحول إلى قيود تلزم الناس بما لم يأمر الله به. حرق الملابس قبل الأربعين مجرد وهم ترسخ في بعض العقول، بينما الطريق الصحيح هو إما الانتفاع بها أو التصدق بها. وبهذا نكسب أجرًا ونحافظ على قيمة الأشياء بدلًا من إحراقها بلا جدوى.
وهنا تتجلى أهمية التوعية بين الناس، خصوصًا الأجيال الجديدة، بأن التمسك بالدين يعني التمسك بما ثبت من نصوص صحيحة، لا بما توارثته المجتمعات من طقوس لا أصل لها. فلا بد أن نُعيد غربلة هذه الموروثات، لنُبقي ما يوافق الشرع ونترك ما هو مجرد عادة. وبهذا فقط نتحرر من الخوف ونعيش الإيمان بمعناه الحقيقي.
والإجابة النهائية: حرق ملابس المتوفي قبل الأربعين لا أصل له في الدين، والأفضل التصدق بها أو الاحتفاظ بها، فهي عادة موروثة وليست واجبًا شرعيًا.
تعليقات