رجل احترقت جميع الأراض إلا أرضه

رجل احترقت جميع الأراض إلا أرضه

بعد أن انطفأت النار وعاد الهدوء إلى القرية، جاء الجميع ليتفقدوا أرض الرجل، فوجدوا أنها لم تُمس بسوء. حتى أوراق الأشجار لم تتفحّم، وكأن نسيمًا باردًا كان يحميها. تعجب الناس أكثر، وازدادت رغبتهم في معرفة السبب الحقيقي وراء هذه المعجزة الصغيرة التي أيقظت في قلوبهم الإيمان.

جلس الرجل تحت شجرة الزيتون التي ظلّت خضراء رغم كل ما حولها، وقال للناس: “يا إخوتي، هذه الأرض أكلت من حلال، وسُقيت بيدٍ لا تعرف الظلم، ولم تُزرع فيها شبهة أو حرام”. كانت كلماته بسيطة لكنها وقعت في قلوبهم كالصاعقة. أدركوا أن البركة ليست في الماء أو التربة، بل في نقاء النية وطهارة اليد.

انتشر الخبر في القرى المجاورة، وأصبح الناس يزورونه ليروا بأعينهم الأرض التي نجت من النار. لم يتفاخر الرجل بما حدث، بل كان يقول: “احفظوا أمانتكم مع الله، يحفظ الله كل ما تملكون”. ومنذ ذلك اليوم، تغيّر حال كثيرين، فعادوا إلى الحق وابتعدوا عن الظلم والحرام.

تحولت تلك الحادثة إلى قصة تُروى للأبناء والأحفاد، عن رجلٍ آمن بربه فلم يخذله، وعن أرضٍ نجاها الله لتكون شاهدًا على أن البركة لا تُشترى، بل تُغرس بالإخلاص والصدق. وهكذا بقيت أرضه الخضراء رمزًا للإيمان، وسط عالمٍ يحترق بالشهوات والطمع.