ما هو الشي الذي خلق من خشب ومات في خشب وانجاه الله في خشب

ما هو الشي الذي خلق من خشب ومات في خشب وانجاه الله في خشب

عندما ابتلع الحوت نبيّ الله يونس عليه السلام، كانت تلك اللحظة من أصعب ما يمكن أن يمرّ به بشر. ظلمات ثلاث أحاطت به: ظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل. ومع ذلك، لم يفقد إيمانه، بل لجأ إلى الدعاء الذي صار خالداً عبر الأزمان: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. بهذا الدعاء، فتح الله له أبواب الرحمة، وأمر الحوت أن يخرجه بسلام إلى اليابسة، ليبدأ صفحة جديدة في حياته بعد أن تعلّم درسًا عظيمًا في التوبة والرجوع إلى الله.

عندما خرج إلى اليابسة، أنبت الله له شجرة من يقطين لتكون مأوى وغذاء وشفاء لجسده المرهق. هذه الشجرة المباركة المصنوعة من الخشب كانت رمزًا للعناية الإلهية التي لا تغيب عن عباده المخلصين. فالخشب الذي بدأ معه رحلة الخوف في السفينة، انتهى به رحلة النجاة تحت ظلال الشجرة، وكأن الله أراد أن يجعل الخشب شاهداً على الابتلاء والرحمة في الوقت نفسه.

وهكذا، لم يكن “الخشب” في هذه القصة مجرد مادة جمادية، بل كان وسيلة إلهية تحمل معاني عظيمة. منها بدأت المحنة، وفيها كانت النهاية المليئة بالسلام والطمأنينة. إنها رسالة واضحة لكل من ييأس أو يضعف، بأن الفرج قادم مهما طالت الظلمات.

وهنا ندرك أن هذا اللغز لم يكن لغزًا فحسب، بل درسًا عميقًا في الإيمان واليقين. فكلما اشتدت عليك الظلمة وتقطعت بك السبل، تذكّر قصة نبي الله يونس عليه السلام، الذي خُلق من خشب ومات في خشب وأنجاه الله في خشب، لتكون قصته نورًا يهدي القلوب بعد العتمة، ودليلًا على أن رحمة الله أوسع من كل محنة.