لم أكن أتصور أن شهادة وفاة صاحب الشركة

لم أكن أتصور أن شهادة وفاة صاحب الشركة

توقفت خطواتي عند الباب، وصوت أنفاسي يعلو كأنه يحمل ثقل السنين كلها. لم أدرِ ما الذي جعلني أعود إلى هنا، إلى المكان الذي شهد كفاحي وإخلاصي، ومقابل ذلك طردي وإهانتي. كنت أريد فقط أن أُعيد المال، أن أسترد نفسي من ظلمة الشعور بالذنب. وضعت الحقيبة أمامه، نظرت إليه بعينين لا تحملان سوى التعب، وقلت بصوت خافت: “هذا ليس مالي، إنه أمانة كنت سأخونها لو احتفظت بها”.

بدا على هيثم الارتباك الشديد، لم يتكلم أول الأمر، فقط بقي ينظر إلى الحقيبة ثم إلى الورقة التي بيده. اقتربت منه بخطوات بطيئة، وكأن قلبي يسأل: هل سيفهم أخيرًا ما معنى الأمانة التي طردني بسببها؟ رفعت نظري إلى وجهه، لأرى دمعة معلقة عند طرف عينه، لم تسقط بعد، لكنها قالت كل شيء دون كلام.

مرت لحظة صمت ثقيلة كأن الزمن توقف، ثم سألني بصوت مبحوح: “هل تعلم ما في هذه الورقة؟” أجبته بالنفي، فناولني إياها. كانت رسالة بخط والده، مؤرخة قبل عام من وفاته، كتب فيها: “إن حدث لي شيء، فأبلغ ابني أن أثق بفلان أكثر مما يثق بنفسه، فهو الأمانة التي لم تخنني يومًا.”
تجمدت الكلمات على لساني، وشعرت بشيء دافئ ينساب في عروقي، خليط من الألم والفخر.

لكن ما لم أكن أعلمه أن تلك اللحظة ستكون بداية فصل جديد لم أتوقعه أبدًا، فصل سيغيّر حياتي كما غيّر حياة هيثم نفسه.

هل كان هذا اللقاء نهاية خلافٍ أم بداية قدرٍ جديد؟
وهل يمكن للأمانة أن تعيد بناء ما هدمه الجحود؟ الإجابة في الصفحة الثانية….