دخل علي رجل يسمى محمد في 30 من عمره و معه أم يحضنها

دخل علي رجل يسمى محمد في 30 من عمره و معه أم يحضنها

اقتربت الأم من ابنها وهي تضحك ضحكة غريبة ممزوجة بالبكاء، ثم أشارت إليه وقالت بصوتٍ متقطع: “أنت كذّاب… ليه ما توديني مكة؟” التفت إليها برقةٍ وحنان وقال مبتسمًا: “الخميس يا أمي، أما قلتِ إننا سنذهب الخميس؟” حاولت الطبيبة أن تخفي دموعها وهي ترى هذا المشهد النادر بين أمٍ لا تعي، وابنٍ لا يعرف إلا الوفاء.

سألته الطبيبة بعد لحظة صمتٍ طويل: “أتذهب بها فعلًا كل أسبوع إلى مكة؟ وهي لا تدرك شيئًا؟”
أجاب بثقةٍ مؤثرة وهو ينظر إلى الأرض: “نعم يا دكتورة، لأن الله يدرك، وهي أمي حتى لو نسيتني، وأنا أريد أن يراني الله بارًّا بها، لا منتظرًا لعقلها.” كانت كلماته كالسهم في القلب، لا تُنسى.

في تلك اللحظة، دخلت الممرضة تحمل الأدوية، فابتسمت الأم لها وقالت: “من هذا الشاب الوسيم؟” فاقترب منها وقال: “أنا محمد يا أمي.” نظرت إليه للحظة ثم لمعت عيناها بدمعةٍ خفيفة وقالت همسًا: “محمد… ابني؟” ثم عادت لتضحك بلا وعي، وكأن اللحظة بين الإدراك والغياب كانت هدية من السماء.

خرج محمد من العيادة ممسكًا بيد أمه، يضحك كلما صاحت أو غضبت، كأنما يحمل بين يديه معنى الرحمة الحقيقية. أما الطبيبة فجلست صامتة، تدعو له في سرّها، وتكتب في دفترها:
“ليس كل الأبطال يرتدون ثيابًا لامعة، بعضهم يلبسون البساطة ويحملون أمهاتهم على أكتافهم إلى الجنة.”