معنى الوصيد في سورة الكهف

معنى الوصيد في سورة الكهف

تأمل العلماء في هذا اللفظ فوجدوا فيه بعدًا بلاغيًا رائعًا. فالمشهد لا يكتمل إلا بهذا التحديد الدقيق للمكان، لأن الكهف كان مأوى الروح، والوصيد كان ساحة الحراسة التي تُذكّر بأن الحفظ الإلهي لا يقتصر على الداخل، بل يشمل حتى الحدود. وكأن الرحمة الإلهية امتدت لتشمل حتى الكلب الذي لازم الفتية بإخلاص.

الوصيد، إذًا، هو نقطة الفصل بين الغيب والشهادة. عنده توقفت القلوب، وبدأت المعجزة. إنه المكان الذي نام فيه الجسد، لكن استيقظ فيه المعنى. ومن خلاله يتجلى لطف الله في أدق التفاصيل، حين يرسم القرآن صورة كاملة تُحرك الخيال والإيمان معًا.

بعض المفسرين ذهبوا إلى أن في ذكر الوصيد تنبيهًا على أن الله لا يغفل عن أحد، حتى الحيوان الذي لم يُذكر اسمه. فالموقع الذي اتخذه الكلب كان تكريمًا لصحبته، ودرسًا في الوفاء والإخلاص. هنا لا مكان للمصادفة، بل لكل تفصيل حكمة.

ويبقى الوصيد شاهدًا لغويًا وروحيًا على روعة البيان القرآني. إنه باب الكهف الذي فُتح للحماية لا للهروب، وللحكمة لا للمصادفة. ومن يقف عند حدود الوصيد، يدرك أن المعجزات لا تُصنع داخل الكهوف فحسب، بل تبدأ أحيانًا من عتباتها.