انا احمد عندما وعيت على هذه الدنيا لم أجد حولى

انا احمد عندما وعيت على هذه الدنيا لم أجد حولى

في الصباح استيقظتُ على صوتها وهي تحاول الخروج من المكتبة. أوقفتها وسألتها عن اسمها، فقالت بخجل: “اسمي سلمى”. كانت ترتدي ملابس ممزقة وتحمل نظرة خوفٍ لا تفارق وجهها. أخبرتني أنها هربت من بيت عمّها بعد وفاة والديها لأنه كان يضربها ويجبرها على العمل بالقوة.

لم أتمالك نفسي، وقررت مساعدتها. أخبرتها أنها يمكن أن تبقى في المكتبة حتى تجد مكانًا آمنًا. ومع مرور الأيام بدأت أتعرف عليها أكثر، كانت طيبة القلب، هادئة، تشبهني في وحدتي وألمي. صارت تساعدني في ترتيب الكتب، وأصبحت المكتبة تعود للحياة من جديد بوجودها.

مرت الشهور، وتحوّلت تلك الصداقة إلى مشاعر صادقة. كنت أرى فيها العائلة التي تمنّيتها، والونس الذي افتقدته طوال حياتي. وذات يوم صارحتها برغبتي في الزواج منها، فابتسمت بخجل وقالت: “أنا ما عنديش حد في الدنيا غيرك”. كانت تلك الجملة كفيلة بأن تملأ قلبي دفئاً لم أعرفه من قبل.

وبالفعل، تزوجنا في حفل بسيط داخل المكتبة التي شهدت بدايتنا. ومع مرور السنوات رزقنا الله بطفلين، وأصبحت ضحكاتهم تملأ المكان الذي كان يوماً مليئاً بالصمت. أدركت حينها أن الخير الذي نمنحه صدفة… قد يعود إلينا قدراً جميلاً يعوض كل ما فقدناه.