معنى زبر الحديد

معنى زبر الحديد

حين نسمع الآية الكريمة “آتوني زبر الحديد”، يقف الذهن في تأملٍ أمام هذا التعبير القرآني المليء بالقوة والدهشة. فالكلمة تحمل في طياتها صورةً عن صناعة الحديد وبراعة الإنسان في تحويل هذا المعدن الصلب إلى أداةٍ للبناء والحماية. جاءت الآية في قصة ذي القرنين الذي سعى لحماية الناس من خطر يأجوج ومأجوج، فطلب منهم أن يمدّوه بقطع الحديد الضخمة ليقيم السد العظيم.

أما معنى “زبر الحديد” في اللغة، فهو كتل الحديد الكبيرة أو ألواحه السميكة التي تُقطع وتُجمع لتُستخدم في البناء أو الصناعة. وقد استخدمها ذو القرنين بطريقة هندسية مذهلة، إذ وضعها بين الجبلين وأشعل عليها النار حتى احمرت ثم صبّ فوقها النحاس المذاب، فصارت كتلة قوية لا يمكن اختراقها. إنها لوحة هندسية عظيمة تبرز التوازن بين العلم والإيمان، بين الفكر والعمل.

تدل الآية أيضًا على أن القرآن الكريم لا يقتصر على الموعظة، بل يتضمن إشارات علمية دقيقة سبقت زمنها بقرون. ففي وقت لم يكن فيه علم المعادن معروفًا كما اليوم، تحدّث النص القرآني عن صهر الحديد واستخدامه في البناء بطريقة علمية متكاملة. وهذا ما جعل كثيرًا من المفسرين والعلماء يعتبرونها من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

ومن الناحية البلاغية، جاءت كلمة “زبر” لتعطي وقعًا خاصًا في السمع، وكأنها تجسد ثقل الحديد وصلابته، فهي ليست مجرد كلمة تصف مادة، بل تحمل إحساس القوة والهيبة، وكأنها تدعو القارئ إلى التأمل في عظمة الخلق وقدرة الله على تسخير ما في الأرض لخدمة الإنسان.

تابع في الصفحة الثانية لتكتشف الوجه الآخر من المعنى، حيث يكشف “زبر الحديد” عن رمزيةٍ أعمق تربط بين القوة المادية والقوة الروحية، وكيف تجسّد السد في قصة ذي القرنين فكرة الحماية الإلهية للإنسان من الفساد والشر…