قصة ذهبت امرأة مُسِنّة لتنظيف بئرٍ مهجور

قصة ذهبت امرأة مُسِنّة لتنظيف بئرٍ مهجور

بدأت ماريا بفحص الأوراق المنتشرة على الأرض قبل فتح أي صندوق، فقد كانت الكلمات المكتوبة بخط قديم تثير في قلبها قلقًا شديدًا. كان كل سطر يحمل تاريخًا، وكل تاريخ يقابله اعتراف خطير أو وثيقة مشبوهة تحمل اسم العائلة المالكة للمزرعة. شعرت أن يدًا خفية اختبأت خلف هذه الجدران لسنوات، وأن هذه الأوراق وحدها قادرة على تدمير سمعة المزرعة بالكامل لو خرجت للنور.

توجهت بعدها للصندوق الصغير، رغم أنه بدا غير مهم مقارنة بالآخر، إلا أنه أثار فضولها بشكل أكبر. فتحته ببطء وارتجاف، وفوجئت بخريطة قديمة للبئر، وصورة لرجل مُقيّد بحبل غليظ، وتحته عبارة: “لا تسمح لأحد بأن يعرف.” شعرت بقشعريرة تسري في ظهرها، وكأن المكان يستعيد أنفاس من ماتوا فيه. كان واضحًا أن هذا الرجل لم يغرق صدفة… بل دُفن معه سرٌ فُتح الآن لأول مرة.

فجأة، اهتز الهواء داخل الغرفة لحظة انطفأ فيها المصباح قبل أن يعود ضعيفًا، مرتعشًا. سمعت ماريا خطوات خلفها، خطوات بطيئة لا تشبه حركة البشر، ولم تسمع صوت الحبل الذي نزلت منه، فبدأ الخوف يلتهم عقلها. التفتت ببطء، وملامحها تنكمش فزعًا، لكنها لم تر شيئًا سوى الظلام يملأ الممر. زاد هذا غموضًا فوق غموض، وجعلها تدرك أن خروجها من هذا المكان لن يكون سهلاً.

التقطت الخريطة وبعض الأوراق، محاولة الصعود بسرعة، لكن قبل تحركها بثوانٍ، جاءها صوت خافت، قريب، كأنه يُهمس في أذنها مباشرة: “عودي… لا تفتحي الصندوق الآخر.” تجمّدت في مكانها، والدم يتجمّد في عروقها. لم يكن الصوت صوت رجل… ولا امرأة… ولا شيء تعرفه. أدركت حينها أنها لم تعثر على سرّ مدفون فقط، بل أيقظت شيئًا كان نائمًا منذ زمن بعيد. وما حدث بعد تلك اللحظة… هو ما غيّر مصير المزرعة وكل من عاش فيها إلى الأبد.