قصة كانوا بيقولوا عليهم “غلطة”. بس في الليلة دي

قصة كانوا بيقولوا عليهم “غلطة”. بس في الليلة دي

كانت فانيسا واقفة قدام حضّانة حديثي الولادة، وعيونها معلّقة بالأربعة اللي بيرتعشوا تحت ضوء أبيض باهت، كأن الحياة لسه بتتفاوض معاهم قبل ما تقرر تسيبهم يعيشوا.
كانت إيديها بتترعش وهي ماسكة ملف صغير فاضي—مفيهوش ولا اسم، ولا تاريخ، ولا أي دليل يقول إن دول ليهم مكان في العالم.
حاولت تسأل نفسها لو كانت مجرد ممرضة، ولا كانت شيء أكتر في اللحظة دي، يمكن شاهد على لحظة قدر مش طبيعي.
ومع كل نفس منهم، كانت بتحس بخيط رفيع بيربط قلبها بيهم، خيط أقوى من إنها تتجاهله.

رجعت بالذاكرة لسنين عمرها، لليالي طويلة كانت بتنام فيها على سرير غريب وهي بتحضن مخدة بدل أم، وصوت إخواتها اللي اتفرقوا عنها وفضلت تدور عليه في كل بيت راحت له.
كان صوت الماضي هو اللي بيصرخ فيها دلوقتي، صوت طفلة اتقال لها مرة إنها “غلطة” زيهم بالظبط.
ورغم السنين الطويلة، الجرح القديم لسه بيقوى كل ما تشوف طفل ملوش حضن.
وده بالظبط اللي خلاها تفهم إن اللحظة دي مش مجرد صدفة، وإن ربنا بيحط حدود جديدة لقلبها.

وقفت في منتصف الرواق، تايهة بين خوف كبير وواجب أكبر، وبتسأل نفسها هي قدّ إيه مستعدة تخسر لو أخدت القرار اللي عقلها بيرفضه لكن روحها بتدفعها ليه.
كانت عارفة إن الدولة هتحركهم الصبح، وإن كل واحد هيطلع على بيت مش بيته، وحد مش حدّه.
وكانت عارفة إن اللحظة اللي هيتفرقوا فيها، مش هيعرفوا بعض تاني، زي ما هي ما عرفتش إخواتها بعدها أبداً.
والفكرة دي لوحدها كانت كافية تقطع نفسها.

دخلت الحضّانة تاني، وبصوت أخف من الهمس قربت من Baby D، الطفل الأصغر اللي كان بيتنفس بسرعة وكأنه بيحارب علشان يفضل موجود.
مدّت إصبعها، ولما مسك صباعها بإيده الصغيرة، ساعتها فهمت إن القرار اتاخد خلاص… من غير ما تقول كلمة.
نزلت دمعة واحدة على خدّها، دمعة ما كانتش حزن… كانت وعد.
ووقفت هناك تحس بنبضه الصغير في إيدها، كأنه بيجري جواها لأول مرة.

في الصفحة الثانية… القرار اللي هياخد حياتها كلها لمرحلة ما بترجعش وراه… هيتقال….