قصة تخلّت عنّي أمّي في المطار وأنا في الثامنة

قصة تخلّت عنّي أمّي في المطار وأنا في الثامنة

عادت أمي بعد سبع سنوات كاملة، بوجه لا يحمل أي شعور بالخجل. كانت ترتدي معطفًا لامعًا، وفي يدها حقيبة ثمينة، وفي عينيها نظرة شخص جاء ليستعيد شيئًا يعتبره ملكًا له. وقف أبي أمام الباب، يده على المقبض، وكتفه مشدود كجدار يحمي بيتًا من عاصفة. قالت بابتسامة باردة: “جيت آخد بنتي… خلصت المرحلة الصعبة من حياتي.”

كنت واقفة خلف والدي، أستمع للكلمات وكأنها طعنات صغيرة. لم تسأل كيف كبرت، لم تسأل ماذا فعل بي غيابها، ولم يرمش لها جفن حين رأت آثار الألم التي تركته. قالت كأنني حقيبة تُسلّم وتُسترد: “ليا دا حقي… وأنا أمّها.” نظر أبي إليها نظرة طويلة، ثم قال بهدوء يشبه البحر قبل العاصفة: “مش بعد اللي عملتيه.”

لكن أمي لم تتراجع. قدمت أوراقًا ومحاولات وتهديدات، وظنت أن المال سيمنحها الحق الذي تخلّت عنه بإرادتها. لم تكن تعلم أن أبي قام بخطوة حاسمة منذ سنوات: جمع كل الأدلة، تسجيلات المكالمات، شهادات العاملين في المطار، وحتى تقارير الأطباء، وحوّل قصّتي إلى ملف قانوني كامل. عندما قدمه للمحكمة، لم يحتج حتى إلى الكثير من الكلام. الوقائع كانت أقوى من أي ادّعاء.

حضرت أمي الجلسة بثقة زائفة، لكن ما إن بدأت الوثائق تُعرض، حتى تغيّرت ملامحها تدريجيًا. كل تسجيل، كل شهادة، كان يعيدها إلى اللحظة التي تركت فيها طفلتها عند بوابة رقم 12. لم يكن لديها ردّ. لم يكن لديها دفاع. فقط صمت ثقيل… وصورة امرأة واجهت الحقيقة التي هربت منها لسنوات طويلة.

لكن رغم كل ذلك… لم تكن هذه نهاية القصة.
فالصدمة الأكبر جاءت في الصفحة الثالثة…