قصة تخلّت عنّي أمّي في المطار وأنا في الثامنة

قصة تخلّت عنّي أمّي في المطار وأنا في الثامنة

بعد انتهاء القضية وحصول أبي رسميًا على حضانتي، توقعنا أن تختفي أمي من حياتنا. لكنها لم تفعل. ظهرت بعد أسابيع، واقفة أمام بوابة مدرستي، تنتظرني بنظرة غريبة، خليط من انكسار وغضب. قالت لي عندما اقتربت: “كان لازم تبقي معايا… إنتي بنتي.” لم أستطع الرد فورًا؛ الكلمات تجمّدت في حلقي مثل صخرة.

نظرت إليها طويلًا، وفي داخلي صوت يشبه الحقيقة التي لم أعد أخاف قولها. قلت بهدوء: “أنا كنت بنتِك… يوم ما سبّتيني لوحدي في المطار.” ارتجف فمها قليلًا، وكأن الجملة أصابت مكانًا لم تتوقعه. لكنها بدلًا من الاعتذار، قالت: “كنت مضغوطة… وكل واحد له لحظة ضعف.” أدركت حينها أنها ليست نادمة، بل فقط غاضبة لأنها خسرت السيطرة.

تحركت خطوة للخلف، فمدّت يدها وكأنها ستمنعني من الرحيل. لكن قبل أن تلمسني، ظهر أبي، يقف ورائي بثبات لا يتزحزح. قال لها بصوت منخفض لكنه قاطع: “ليا مش ملك لأحد… ومش هتأذيها تاني.” بقيت أمي تنظر إليّ للحظة، ثم استدارت ببطء، ومشت بقامة امرأة حاولت التمسك بشيء ضاع منها إلى الأبد.

ومنذ ذلك اليوم، لم تعد. لم يظهر اسمها في أي مكالمة، ولم تصل رسالة منها. ربما أدركت أن الأمومة ليست كلمة تُقال، بل قلب لا يهرب. واليوم — بعد سنوات — أنظر إلى تلك الطفلة التي كنتها، وأشعر بالفخر. نجوتُ. كبرتُ. ووجدت البيت الذي ينتمي إليه اسمي… وروحي… ومستقبلي.

وهكذا، كانت الأوراق القانونية بانتظارها… لتخبرها بأن الطفلة التي تركتها أصبحت أقوى مما توقّعت.