قصة كان المشهد على الطريق السريع صادمًا

قصة كان المشهد على الطريق السريع صادمًا

أوقفت السيارة على جانب الطريق وأنا أحاول جمع أنفاسي بينما والدي يجلس صامتًا كتمثال مكسور. كان ينظر إلى الأرض وكأنه يخاف أن يرفع رأسه فيرى حجم الحقيقة التي اضطر لقولها لي. لم أتمالك نفسي وسألته ما الذي حدث بالضبط في آخر يوم رأى فيه برونو لكنه لم يجب مباشرة. احتاج لوقت طويل قبل أن يرفع عينيه ويواجه السؤال الذي كان يهرب منه طوال الأشهر الماضية.

أخبرني أن آخر ليلة رأى فيها برونو كانت ليلة انفجار كبير داخل البيت بينه وبين أدريان عندما تحول خلاف بسيط إلى صراخ وعنف وانهيار كامل. قال إن أدريان دفع برونو بقوة فوقع على الطاولة وخرج من المنزل غاضبًا دون أن يأخذ هاتفه أو محفظته. بحثوا عنه لساعات لكنه لم يعد وعندما مرّت ثلاثة أيام بدأت خيوط الخوف تلتف حول العائلة. وبعد أسبوع صار الصمت أكبر من قدرتهم على الاحتمال.

ثم قال لي إن أمي هي أكثر من انهار بعد اختفاء برونو وأنها كانت تستيقظ كل ليلة تسمع صوته في الممر أو تتخيل خطواته على الدرج. كانت تغلق باب غرفته لئلا يدخل الغبار لكنه كان يدخل رغم كل شيء. وفي كل مرة كانت تغلق الباب أكثر وتغرق أكثر. كنت أستمع وقلبي يصغر داخلي كأنه يعود طفلًا يبكي في الظلام دون أن يعرف من ينقذه.

أمسكت بيد والدي وقلت له سنعود الآن وسنبحث عن برونو بكل وسيلة وسنستعيد البيت مهما كان الظلام الذي ينتظرنا هناك. كان يحاول الابتسام لكنه لم يستطع سوى أن يغلق عينيه ويهز رأسه ببطء كأنه يتمنى أن أكون على حق. قدت السيارة نحو الجنوب بينما الأفق يلمع بخيوط شمس متعبة تشبهنا تمامًا. وعندما ظهرت لافتة ميناء الجزيرة الخضراء شعرت أن كل شيء سيبدأ الآن من جديد ربما نحو الخلاص وربما نحو كارثة أكبر.